جاذب ومكسب (لأدواء الجسد) جمع الداء بمعنى المرض (وخثارة النّفس) بضم الخاء المعجمة أي ثقلها بلا طيب ونشاط (وامتلاء الدّماغ) وهو أعلى الرأس من القحف أي من رطوبات ابخرة متصاعدة تورث استرخاء اعضائه الذي به النوم الذي يفوت خيرا كثيرا؛ (وقلّته) عطف على كثرة الأكل وهو اسم أن أو على محلها أي قليل من الأكل (دليل على القناعة) أي الرضى باليسير والتسليم للقسمة (وملك النّفس) بكسر الميم أي وعلى قدرتها وحكمها على قمعها ومنعها من الميل إلى الشهوات واتباعها؛ (وقمع الشّهوة) بالرفع مبتدأ خبره (مسبّب للصّحة) وجوز الدلجي جره عطفا على ما قبله فيكون مسبب خبرا ثانيا لقلته وهو بعيد لفظا ومعنى وجوز الحجازي رفع ملك النفس أيضا فتأمل والمراد من الصحة صحة الظاهر وهو الجسد من الآلام والأسقام لأن التخمة أصل كل علة (وصفاء الخاطر) أي وسبب لخلوص الباطن من الكدورات المتولدة بانهماك النفس في المستلذات (وحدّة الذّهن) أي لذكائه وهي شدة قوة للنفس معدة لاكتساب الآراء المستقيمة (كَمَا أَنَّ كَثْرَةَ النَّوْمِ دَلِيلٌ عَلَى الْفُسُولَةِ) بضم الفاء والسين المهملة أي الرذالة وفتور النفس (والضّعف) بالضم والفتح أي ضعف البنية، (وعدم الذّكاء والفطنة) أي وعلى عدمها وقوله (مسبّب) خبر ثان لأن أو عدم الذكاء مبتدأ خبره مسبب (للكسل) أي الملالة في الطاعة (وعادة العجز) أي وتعود العجز عن القيام بالعبادة روي أن من خصائصه عليه الصلاة والسلام أنه كان لا يتثاءب ولا يتمطى لأنهما من عمل الشيطان (وتضييع العمر) بضمهما ويسكن الثاني (في غير نفع) أي بلا منفعة حقيقية لأن النفس إذا توجهت إلى معرفة شيء ومزاولة عمل ولم تجد لها آلة تساعدها من صدق تخيل وصحة فكر وتأمل وجودة حفظ وتعقل لفقد اعتدال المزاج بسبب كثرة الأكل والنوم فترت همتها عن العلم والعمل واعتادها الكسل مع حصول عجز البدن عن وصول الأمل وإضاعة العمر في غير نفع مدة الأجل (وقساوة القلب) أي وفي شدته وغلظته (وغفلته) أي إهماله وتركه عن تحصيل منفعته (وموته) أي وموت قلبه لأن حياته بذكر ربه وفكر حبه؛ (والشّاهد على هذا) أي والدليل الظاهر على ما ذكرناه من أن كثرة الأكل والنوم تورث ما قدمناه (ما يعلم ضرورة) أي بديهة بأوائل الفطرة من غير حاجة إلى الفكرة كالعلم بجوع النفس وعطشها وقبضها وبسطها وكالعلم بأن الواحد نصف الاثنين والاثنين أكثر من واحد ونصب ضرورة على التمييز (ويوجد مشاهدة) أي معاينة منا ومن غيرنا وهي منصوبة على المفعولية، (وينقل) أي يروى إلينا ممن سبق علينا (متواترا) أي نقلا متتابعا مرة بعد مرة وفي الاصطلاح خبر اقوام عن أمر محسوس يستحيل عادة تواطئهم على الكذب (من كلام الأمم المتقدّمة والحكماء السّافلين) أي السابقة كقول الحارث ابن كلدة أفضل الدواء الازم يريد قلة الأكل والحمية وقول بعض الحكماء خصلتان يقسو بهما القلب كثرة الأكل وكثرة الكلام وقول داود لابنه سليمان عليهما السلام إياك وكثرة النوم فإنه يفقرك إذا احتاج الناس إلى أعمالهم (وأشعار العرب وأخبارها) ومن الأول قول الأعشى