لفساد المعنى كما لا يخفى إلا أن الأقرب والأظهر الأنسب أنه مجرور عطفا على تحزبهم وخلوصهم والمعنى بعد الأخذ (على أبصارهم عند خروجه عليهم) أي مع أبي بكر إلى الغار ليلة قصدوا قتله وكذا الكلام من حيث المبنى والمعنى على قوله (وذهولهم) أي غفلتهم (عن طلبه في الغار) أي مع ترددهم حوله فلم يهتدوا إليه وذلك بآيات أظهرها الله في الحال من نسج العنكبوت على الغار حَتَّى قَالَ أُمَيَّةُ بْنُ خَلَفٍ حِينَ قَالُوا ندخل الغار ما أرى إلا انه قبل أن ولد محمد صلى الله تعالى عليه وسلم وبعث حمامتين عَلَى فَمِ الْغَارِ فَقَالَتْ قُرَيْشٌ لَوْ كَانَ فيه أحد لما كانت الحمام هناك والمراد بالغار نقب بأعلى جبل ثور عن يمين مكة مسيرة ساعة واللام فيه للعهد (وما ظهر) أي لهم (في ذلك من الآيات) إذ خرج عليهم وهم ببابه فلم يروه بناء على حجاب الله ونقابه تحت قبابه ونثره التراب على رؤوسهم فلم يعلموا به حتى قيل لهم إلى غير ذلك من الآيات والمعجزات (ونزول السّكينة عليه) أي ومن نزول الطمأنينة والأمن الذي تسكن عنده النفوس على النبي صلى الله تعالى عليه وسلم ويؤيده قوله تعالى وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْها أو على أبي بكر رضي الله تعالى عنه لأنه الذي كان منزعجا لقوله تعالى إذ يقول لصاحبه لا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنا فأنزل الله سكينته عليه ويؤيده أن بعض القراء جعل عليه وقفا لازما وجعل ما بعده كلاما مستأنفا أو عطفا على صدر القصة مما يكون محلا قابلا لئلا يلزم تفكيك الضمير مع تجويز بعضهم ذلك كما في قوله تعالى أَنِ اقْذِفِيهِ فِي التَّابُوتِ الآية وأما قول الدلجي أن هذا هو الحق فليس في محله لورود الخلاف عن أكابر المفسرين على أن التحقيق في مقام الجمع على جهة التدقيق أن يقال المعنى فأنزل الله سكينته على منهما بناء على إرادة زيادة الاطمئنان والسكون فيهما كما يدل عليه ما في مصحف حفصة فأنزل الله سكينته عليهما ولا ينافيه ما ورد في تسلية الصديق من قوله صلى الله تعالى عليه وسلم ما ظنك باثنين الله ثالثهما (وقصّة سراقة) بالجر عطفا على الآيات أي ومن قصة سراقة (بن مالك) أي ابن جعشم وهو الذي أعطت له قريش الجعائل وأخذ في طلب رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم حين هاجر وساخت قوائم فرسه عند ذلك وهو الذي ألبس له عمر رضي الله عنه سواري كسرى وقال الحمد لله الذي سلبهما من كسرى وألبسهما تراقة وقد كان أخبر النبي صلى الله تعالى عليه وسلم بذلك فهي معجزة دائمة باقية إلى يوم القيامة (حسب) بفتح الحاء والسين وقد يسكن الثاني واقتصر عليه الحلبي وغيره أي على قدر (ما ذكره أهل الحديث والسّير) بكسر ففتح جمع سيرة وارباب السير من الشمائل والمغازي (في قصّة الغار وحديث الهجرة) أي مفصلا ومجملا أنه تبعهما حين توجها من الغار مهاجرين إلى المدينة ليفتك بهما فرده الله خاسئا ثم أسلم بالجعرانة منصرف رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم من الطائف قال الحلبي وفي الصحابة من اسمه سراقة ثمانية عشر غيره (ومنه) أي ومن ذلك (قوله تعالى: إِنَّا أَعْطَيْناكَ الْكَوْثَرَ) ومعناه سيأتي أي الكثير من أنواع التفضيل إلا أن فوعل أبلغ من فعيل وفيه تسلية