نام کتاب : شرح الزرقاني على المواهب اللدنية بالمنح المحمدية نویسنده : الزرقاني، محمد بن عبد الباقي جلد : 4 صفحه : 293
وقال تعالى: {بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيم} [التوبة: 128] فبعثه الله تعالى رحمة لأمته، ورحمة للعالمين وروى البيهقي مرفوعا: "إنما أنا رحمة مهداة" فرحم الله به الخلق مؤمنهم وكافرهم، وهذا الاسم من أخص أسمائه.
وقد كان حظ آدم من رحمته سجود الملائكة له تعظيما له إذ كان في صلبه، ونوح: خروجه من السفينة سالما، وإبراهيم: كانت النار عليه بردا وسلاما إذ
العالمين صحت إضافته إلى كل من الرحمة والمرحمة سواء وصف برسول، أو نبي، "وقال تعالى: {بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيم} . قدم متعلقة للتخصيص، أو للاهتمام، والتشريف مع رعاية الفاصلة، وقدم الرءوف لأنه الشفقة، والتلطف بالمنعم عليه، "فبعثه الله تعالى رحمة لأمته" مفعول له، أو حال من الله، أو من ضمير النبي بمعنى راحما لهم "ورحمة للعالمين" عام على خاص، أي جعله الله عين الرحمة لإرشاده لهم ولطفه بهم، وحمله لهم على ذلك.
"وروى البيهقي" وشيخه الحاكم، وقال على شرطهما، وأقره الذهبي عن أبي هريرة "مرفوعا" بمعنى، قال صلى الله عليه وسلم: "إنما أنا رحمة" أي ذو رحمة أو بالغ في الرحمة حتى كأني عينها لأن الرحمة ما يترتب عليه النفع ونحوه وذاته، كذلك فصفاته التابعة لها كذلك "مهداة" بضم الميم وللطبراني بعثت رحمة مهداة، قال ابن دحية معناه أن الله بعثني رحمة للعباد، لا يريد لها عوضا؛ لأن المهدي إذا كانت هديته عن رحمة، لا يريد لها عوضا، وقال غيره: أي ما أنا إلا رحمة أهداها الله للعالمين، فمن قبلها أفلح ونجا، ومن أبي خاب وخسر، ولا يشكل الحصر بوقوع الغضب منه كثيرا لأنه لم يقصد من بعثته، بل المقصود بالذات الرحمة، والغضب بالتبعية، بل في حكم العدم، فالحصر فيها مبالغة، والمعنى أنه رحمة على كل فرد لأن غضبه الله كانتقامه كقوله ولكم في القصاص حياة، أو أنه رحمة في الجملة، فلا ينافي الغضب في الجملة، "فرحم الله به الخلق مؤمنهم" بالهداية، "وكافرهم" بالأمن من الخسف، والمسخ وعذاب الاستئصال، والمنافقين بالأمن من القتل، وتأخير عذابهم، "وهذا الاسم من أخص أسمائه".
قال أبو بكر بن طاهر زين الله تعالى محمدا صلى الله عليه وسلم بزينة الرحمة فكان كونه رحمة، وجميع شمائله رحمة وصفاته رحمة على الخلق، وحياته رحمة وموته رحمة، كما قال صلى الله عليه وسلم: "حياتي خير لكم ومماتي خير لكم"، وكما قال صلى الله عليه وسلم: "إذا أراد الله رحمة بأمة قبض نبيها قبلها، فجعله لها فرطا وسلفا"، "وقد كان حظ آدم من رحمته سجود الملائكة له تعظيما له إذا كان في صلبه" وقبول توبته إذ توسل به "و" حظ "نوح خروجه من السفينة سالما" إذ كان في صلب ابنه سام، "وإبراهيم كانت النار عليه بردا وسلاما؛ إذ كان في صلبه" كما أفاده العباس بقوله:
نام کتاب : شرح الزرقاني على المواهب اللدنية بالمنح المحمدية نویسنده : الزرقاني، محمد بن عبد الباقي جلد : 4 صفحه : 293