responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : سيرة ابن هشام - ت طه عبد الرؤوف سعد نویسنده : عبد الملك بن هشام    جلد : 2  صفحه : 210
قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: وَحَدَّثَنِي حُسين بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُبيد اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ، عَنْ عِكْرمة مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: قَالَ أَبُو رَافِعٍ مَوْلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: كنتُ غُلَامًا لِلْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، وكان الِإسلام قد أدخلنا أَهْلَ الْبَيْتِ، فَأَسْلَمَ الْعَبَّاسُ وَأَسْلَمَتْ أُمُّ الْفَضْلِ وأسلمتُ وَكَانَ الْعَبَّاسُ يَهَابُ قومَه وَيَكْرَهُ خلافَهم وَكَانَ يَكْتُمُ إسْلَامَهُ، وَكَانَ ذَا مَالٍ كَثِيرٍ مُتَفَرِّقٍ فِي قَوْمِهِ، وَكَانَ أَبُو لَهَبٍ قَدْ تخلَّف عَنْ بَدْرٍ، فَبَعَثَ مَكَانَهُ الْعَاصِي بْنَ هِشَامِ بْنِ الْمُغِيرَةِ، وَكَذَلِكَ كَانُوا صَنَعُوا، لَمْ يَتَخَلَّفْ رَجُلٌ إلَّا بَعَثَ مَكَانَهُ رَجُلًا، فَلَمَّا جَاءَهُ الْخَبَرُ عَنْ مُصَابِ أَصْحَابِ بَدْرٍ مِنْ قُرَيْشٍ، كَبَتَهُ اللَّهُ وَأَخْزَاهُ، وَوَجَدْنَا فِي أَنْفُسِنَا قُوَّةً وعِزًّا. قَالَ: وَكُنْتُ رَجُلًا ضَعِيفًا، وَكُنْتُ أَعْمَلُ الْأَقْدَاحَ، أَنْحَتُهَا فِي حُجرة زَمْزَمَ، فَوَاَللَّهِ إنِّي لَجَالِسٌ فِيهَا أنْحَتُ أَقْدَاحِي، وَعِنْدِي أمُّ الْفَضْلِ جَالِسَةٌ، وَقَدْ سَرَّنا مَا جَاءَنَا مِنْ الْخَبَرِ، إذْ أَقْبَلَ أَبُو لَهَبٍ يَجُرُّ رِجْلَيْهِ بِشَر. حَتَّى جَلَسَ عَلَى طُنُب الْحُجْرَةِ[1]، فَكَانَ ظَهْرُهُ إلَى ظَهْرِي. فَبَيْنَمَا هُوَ جَالِسٌ إذْ قال الناس: هذا أَبُو سُفْيَانَ بْنُ الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ -قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: وَاسْمُ أَبِي سُفْيَانَ الْمُغِيرَةُ- قَدْ قَدِمَ. قَالَ: فَقَالَ أَبُو لَهَبٍ: هلمَّ إليَّ، فَعِنْدَكَ لَعَمْرِي الْخَبَرُ، قَالَ: فَجَلَسَ إلَيْهِ والناس قيام عليه، فقال: يابن أَخِي، أَخْبِرْنِي كَيْفَ كَانَ أَمْرُ النَّاسِ؟ قَالَ: وَاَللَّهِ مَا هُوَ إلَّا أَنْ لَقِينَا القومَ فَمَنَحْنَاهُمْ أَكْتَافَنَا يَقُودُونَنَا كَيْفَ شَاءُوا، وَيَأْسِرُونَنَا كَيْفَ شَاءُوا، وَاَيْمُ اللَّهِ مَعَ ذَلِكَ مَا لُمت النَّاسَ، لَقِينَا رِجَالًا بِيضًا، عَلَى خَيْل بُلْق، بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ، وَاَللَّهِ مَا تُليق شَيْئًا[2]، وَلَا يَقُومُ لَهَا شَيْءٌ. قَالَ أَبُو رَافِعٍ: فَرَفَعْتُ طُنُب الْحُجْرَةِ بِيَدَيَّ، ثُمَّ قُلْتُ: تِلْكَ وَاَللَّهِ الْمَلَائِكَةُ قَالَ: فَرَفَعَ أَبُو لَهَبٍ يَدَهُ فضرب بها وجهي ضربةً شديدة. قال: وثاورْتُه[3] فَاحْتَمَلَنِي فَضَرَبَ بِي الْأَرْضَ، ثُمَّ بَرَكَ عليَّ يَضْرِبُنِي، وَكُنْتُ رَجُلًا ضَعِيفًا. فَقَامَتْ أُمُّ الْفَضْلِ إلَى عَمُودٍ مِنْ عُمد الْحُجْرَةِ، فَأَخَذَتْهُ فَضَرَبَتْهُ فلَعت[4] فِي رَأْسِهِ شَجَّة منْكَرة، وَقَالَتْ: اسْتَضْعَفَتْهُ أَنْ غَابَ عَنْهُ سيدُه؟ فَقَامَ مُولِّيا ذَلِيلًا، فَوَاَللَّهِ مَا عَاشَ إلَّا سبعَ ليالٍ حَتَّى رَمَاهُ الله بالعَدَسة[5] فقتلته.
قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: وَحَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ عَبَّاد بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ أَبِيهِ عَبَّاد، قَالَ: نَاحَتْ قُرَيْشٌ عَلَى قَتْلَاهُمْ، ثُمَّ قَالُوا: لَا تَفْعَلُوا فيبلُغَ مُحَمَّدًا وأصحابَه، فيشمَتوا بكم ولا تبعثوا في

[1] طنب الحجرة: طرفها.
[2] لا تبقى شيئا.
[3] ثاورته: وثبت إليه.
[4] لعت: شقت.
[5] العدسة: بثرة خطرة تخرج في الجسم تشبه الطاعون تقتل صاحبها سريعا.
نام کتاب : سيرة ابن هشام - ت طه عبد الرؤوف سعد نویسنده : عبد الملك بن هشام    جلد : 2  صفحه : 210
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست