responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : سيرة ابن هشام - ت طه عبد الرؤوف سعد نویسنده : عبد الملك بن هشام    جلد : 2  صفحه : 196
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ بَطْنِهِ، وَقَالَ: "استقدْ"، قَالَ: فَاعْتَنَقَهُ فقبَّل بَطْنَهُ: فَقَالَ: "مَا حَمَلَكَ عَلَى هَذَا يَا سَواد؟ " قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، حَضَرَ مَا تَرَى، فَأَرَدْتُ أَنْ يَكُونَ آخرُ الْعَهْدِ بِكَ أَنْ يمسَّ جِلْدِي جلدَك. فَدَعَا لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم بخير، وقاله له.
الرسول يناشد رَبَّهُ النَّصْرَ: قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: ثُمَّ عدَّل رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الصُّفُوفَ وَرَجَعَ إلَى الْعَرِيشِ فَدَخَلَهُ، وَمَعَهُ فِيهِ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ، لَيْسَ مَعَهُ فِيهِ غَيْرُهُ، وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُنَاشِدُ ربَّه مَا وَعَدَهُ مِنْ النَّصْرِ، وَيَقُولُ فِيمَا يَقُولُ: "اللَّهُمَّ إنْ تَهْلك هَذِهِ الْعِصَابَةُ الْيَوْمَ لَا تُعْبد"، وَأَبُو بَكْرٍ يَقُولُ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ، بعضَ مُناشدتك رَبَّكَ، فَإِنَّ اللَّهَ مُنْجِز لَكَ مَا وَعَدَكَ. وَقَدْ خَفَقَ[1] رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَفْقةً وَهُوَ فِي الْعَرِيشِ، ثُمَّ انْتَبَهَ فَقَالَ: "أبشرْ يَا أَبَا بَكْرٍ، أَتَاكَ نصرُ اللَّهِ، هَذَا جِبْرِيلُ آخذٌ بِعَنَانِ فرس يقوده، على ثناياه النَّقْعُ".
أول شهيد من المسلمين: قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: وَقَدْ رُمِي مِهْجع، مَوْلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ بِسَهْمِ فقُتل فَكَانَ أَوَّلَ قَتِيلٍ مِنْ الْمُسْلِمِينَ ثُمَّ رُمي حَارِثَةُ بْنُ سُرَاقة، أَحَدُ بَنِي عَدِي بْنِ النَّجَّارِ، وَهُوَ يَشْرَبُ مِنْ الحَوْض، بِسَهْمِ فَأَصَابَ نَحْرَهُ، فقُتل.
قَالَ: ثُمَّ خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلَى النَّاسِ فحرَّضهم، وَقَالَ: "وَاَلَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ، لَا يُقَاتِلُهُمْ اليومَ رجلٌ فيُقتل صَابِرًا مُحْتَسِبًا، مُقبلًا غَيْرَ مُدْبر، إلَّا أَدْخَلَهُ اللَّهُ الْجَنَّةَ". فَقَالَ عُمَيْر بْنُ الحُمام أَخُو بَنِي سَلمة، وَفِي يَدِهِ تَمَرَاتٍ يَأْكُلُهُنَّ: بَخْ بَخْ[2]، أَفَمَا بَيْنِي وَبَيْنَ أَنْ أدخلِ الْجَنَّةَ إلَّا أَنْ يَقْتُلَنِي هَؤُلَاءِ، ثُمَّ قَذَفَ التَّمَرَاتِ مِنْ يَدِهِ وَأَخَذَ سَيْفَهُ، فَقَاتَلَ القومَ حَتَّى قُتل.
قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: وَحَدَّثَنِي عَاصِمُ بْنُ عُمر بْنِ قَتادة: أَنَّ عَوْفَ بْنَ الْحَارِثِ، وَهُوَ ابْنُ عَفْرَاءَ قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا يُضْحك[3] الرَّبَّ مِنْ عَبْدِهِ؟ قَالَ: "غَمْسه يَده فِي الْعَدُوِّ حَاسِرًا". فَنَزَعَ دِرْعًا كَانَتْ عَلَيْهِ فَقَذَفَهَا، ثُمَّ أَخَذَ سيفَه فَقَاتَلَ الْقَوْمَ حَتَّى قُتل.
قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: وَحَدَّثَنِي محمد بن مسلم بن شهاب الزهري، عن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ ثَعْلَبَةَ بْنِ صُعَيْر العُذْري، حليف بني زُهرة، أنه حدثه: لَمَّا الْتَقَى الناسُ، وَدَنَا بعضُهم مِنْ بَعْضٍ، قَالَ أَبُو جَهْلِ بْنُ هِشَامٍ: اللَّهُمَّ أقطَعنا لِلرَّحِمِ، وَآتَانَا بِمَا لَا يُعْرف، فأحِنْه[4] الغَداةَ. فكان هو المستفتح[5].
قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: ثُمَّ إنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخَذَ حَفْنَةً مِنْ الحَصْباء فَاسْتَقْبَلَ قُرَيْشًا بِهَا، ثُمَّ قَالَ: "شاهتِ الوجوهُ"، ثُمَّ نَفَحهم بِهَا، وَأَمَرَ أَصْحَابَهُ فَقَالَ: "شُدُّوا" فَكَانَتْ الْهَزِيمَةُ، فقتَل اللَّهُ تَعَالَى مَنْ قَتل مِنْ صَنَادِيدِ قُرَيْشٍ، وأسَر مَنْ أَسَرَ من أشرافهم. فلما وضع

[1] خفق: أخذته سنة خفيفة من النوم.
[2] كلمة تقال في حالة الإعجاب.
[3] أي يرضيه غاية الرضا مع تبشير وإظهار كرامة.
[4] أحنه، أهلكه.
[5] المستفتح: المبتدئ لنفسه.
نام کتاب : سيرة ابن هشام - ت طه عبد الرؤوف سعد نویسنده : عبد الملك بن هشام    جلد : 2  صفحه : 196
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست