responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : سيرة ابن هشام - ت طه عبد الرؤوف سعد نویسنده : عبد الملك بن هشام    جلد : 2  صفحه : 192
قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: فحُدثت عَنْ رِجَالٍ مِنْ بَنِي سَلمة، أَنَّهُمْ ذَكَرُوا: أَنَّ الحُباب بْنَ الْمُنْذِرِ بْنِ الجَموح قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ أرأيتَ هَذَا الْمَنْزِلَ، أَمَنْزِلًا أنزلَكه اللَّهُ لَيْسَ لَنَا أَنْ نَتَقَدَّمَهُ، وَلَا نَتَأَخَّرَ عَنْهُ، أَمْ هُوَ الرأيُ والحربُ وَالْمَكِيدَةُ؟ قَالَ: "بَلْ هُوَ الرَّأْيُ وَالْحَرْبُ وَالْمَكِيدَةُ". فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَإِنَّ هَذَا لَيْسَ بِمَنْزِلِ، فَانْهَضْ بِالنَّاسِ حَتَّى نَأْتِيَ أَدْنَى مَاءٍ مِنْ الْقَوْمِ، فَنَنْزِلَهُ ثُمَّ نُغَوِّر مَا وَرَاءَهُ مِنْ القُلُب، ثُمَّ نَبْنِي عَلَيْهِ حَوْضًا فنمْلؤه مَاءً، ثُمَّ نُقَاتِلُ الْقَوْمَ، فَنَشْرَبُ وَلَا يَشْرَبُونَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَقَدْ أشرتَ بِالرَّأْيِ". فَنَهَضَ رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن مَعَهُ مِنْ النَّاسِ فَسَارَ حَتَّى إذَا أَتَى أَدْنَى مَاءٍ مِنْ الْقَوْمِ نَزَلَ عَلَيْهِ، ثُمَّ أمر بالقُلُب فغُوِّرت، وبنى حَوْضا على القُلُب الَّذِي نَزَلَ عَلَيْهِ فَمُلِئَ مَاءً، ثُمَّ قَذَفُوا فيه الآنية.
قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: فَحَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ أَنَّهُ حُدث: أَنَّ سَعْدَ بْنَ معاذ قال: يا نبي الله، ألا نبتني لَكَ عَرِيشًا تَكُونُ فِيهِ، ونُعد عِنْدَكَ رَكَائِبَكَ، ثُمَّ نَلْقَى عَدُوَّنَا فَإِنْ أَعَزَّنَا اللَّهُ وَأَظْهَرَنَا عَلَى عَدُوِّنَا، كَانَ ذَلِكَ مَا أَحْبَبْنَا، وَإِنْ كَانَتْ الْأُخْرَى، جَلَسْتَ عَلَى رَكَائِبِكَ، فَلَحِقْتَ بِمَنْ وَرَاءَنَا، فَقَدْ تَخَلَّفَ عَنْكَ أَقْوَامٌ، يَا نَبِيَّ اللَّهِ، مَا نَحْنُ بِأَشَدَّ لَكَ حُبًّا مِنْهُمْ، وَلَوْ ظَنُّوا أَنَّكَ تَلْقَى حَرْبًا مَا تَخَلَّفُوا عَنْكَ، يَمْنَعُكَ اللَّهُ بِهِمْ، يُنَاصِحُونَكَ وَيُجَاهِدُونَ مَعَكَ، فَأَثْنَى عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَيْرًا وَدَعَا لَهُ بِخَيْرِ، ثُمَّ بُنِيَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عريشٌ، فكان فيه ارتحال قريش ودعاء الرسول عليهم: قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: وَقَدْ ارْتَحَلَتْ قُرَيْشٌ حِينَ أَصْبَحَتْ، فَأَقْبَلَتْ، فَلَمَّا رَآهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَصوَّب مِنْ العَقَنْقَل -وَهُوَ الْكَثِيبُ الَّذِي جَاءُوا مِنْهُ إلَى الْوَادِي- قَالَ: "اللَّهُمَّ هَذِهِ قُرَيْشٌ قَدْ أَقْبَلَتْ بخُيلائها وَفَخْرِهَا، تُحادُّك وتكذِّب رسولَك، اللَّهُمَّ فنصرَك الَّذِي وَعَدْتنِي، اللَّهُمَّ أحِنْهم[1] الْغَدَاةَ".
وَقَدْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -وَقَدْ رَأَى عتبةُ بْنُ رَبِيعَةَ فِي الْقَوْمِ عَلَى جَمَلٍ لَهُ أَحْمَرَ-: "إنْ يَكُنْ فِي أَحَدٍ مِنْ الْقَوْمِ خَيْرٌ فَعِنْدَ صَاحِبِ الْجَمَلِ الْأَحْمَرِ، إنْ يُطِيعُوهُ يَرْشُدوا".
وَقَدْ كَانَ خُفاف بْنُ أَيْمَاءَ بْنِ رَحَضة الغِفاري، أَوْ أَبُوهُ أَيْمَاءُ بْنُ رَحَضَةَ الْغِفَارِيُّ، بَعَثَ إلَى قُرَيْشٍ، حِينَ مَرُّوا بِهِ، ابْنَا لَهُ بِجَزَائِرِهِ[2] أَهْدَاهَا لَهُمْ، وَقَالَ: إنْ أَحْبَبْتُمْ أَنْ نُمِدَّكُمْ بِسِلَاحِ وَرِجَالٍ فَعَلْنَا. قَالَ: فَأَرْسَلُوا إلَيْهِ مَعَ ابْنِهِ: أَنْ وصَلَتْك رَحِم، قَدْ قَضَيْتَ الَّذِي عَلَيْكَ فلعَمْري لَئِنْ كُنَّا إنَّمَا نُقَاتِلُ النَّاسَ فَمَا بِنَا مِنْ ضَعْفٍ عَنْهُمْ، وَلَئِنْ كُنَّا إنَّمَا نُقَاتِلُ اللَّهَ، كَمَا يَزْعُمُ مُحَمَّدٌ، فَمَا لِأَحَدِ بِاَللَّهِ مِنْ طَاقَةٍ.

[1] أحنهم: أهلكهم.
[2] الجزائر: الذبائح.
نام کتاب : سيرة ابن هشام - ت طه عبد الرؤوف سعد نویسنده : عبد الملك بن هشام    جلد : 2  صفحه : 192
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست