responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : سيرة ابن هشام - ت طه عبد الرؤوف سعد نویسنده : عبد الملك بن هشام    جلد : 2  صفحه : 161
في أمره {الْحَيُّ الْقَيُّومُ} [آل عمران: 1، 2] الْحَيُّ الَّذِي لَا يَمُوتُ، وَقَدْ مَاتَ عِيسَى وصُلب فِي قَوْلِهِمْ. وَالْقَيُّومُ الْقَائِمُ عَلَى مَكَانِهِ مِنْ سُلْطَانِهِ فِي خَلْقِهِ لَا يَزُولُ، وَقَدْ زَالَ عِيسَى فِي قَوْلِهِمْ عَنْ مَكَانِهِ الَّذِي كَانَ بِهِ، وَذَهَبَ عَنْهُ إلَى غَيْرِهِ. {نَزَّلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ} أَيْ بِالصَّدْقِ فِيمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ، {وَأَنْزَلَ التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ} : التَّوْرَاةُ عَلَى مُوسَى، والإِنجيل عَلَى عِيسَى، كَمَا أَنْزَلَ الْكُتُبَ عَلَى مَنْ كَانَ قَبْلَهُ: {وَأَنْزَلَ الْفُرْقَانَ} ، أَيْ: الْفَصْلَ بَيْنَ الْحَقِّ وَالْبَاطِلِ فِيمَا اخْتَلَفَ فِيهِ الْأَحْزَابُ مِنْ أَمْرِ عِيسَى وَغَيْرِهِ، {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بآيَاتِ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَاللهُ عَزِيزٌ ذُو انْتِقَامٍ} ، أَيْ: أَنَّ اللَّهَ مُنْتَقِمٌ مِمَّنْ كَفَرَ بِآيَاتِهِ، بَعْدَ عِلْمِهِ بِهَا، وَمَعْرِفَتِهِ بِمَا جَاءَ مِنْهُ فِيهَا. {إِنَّ اللَّهَ لَا يَخْفَى عَلَيْهِ شَيْءٌ فِي الْأَرْضِ وَلا فِي السَّمَاءِ} أَيْ: قَدْ عَلِمَ مَا يُرِيدُونَ، وَمَا يَكِيدُونَ، وَمَا يُضَاهُونَ بِقَوْلِهِمْ فِي عِيسَى، إذْ جَعَلُوهُ إلَهًا وَرَبًّا، وَعِنْدَهُمْ مِنْ، عِلْمِهِ غَيْرُ ذَلِكَ، غِرَّة بِاَللَّهِ، وكُفرًا بِهِ. {هُوَ الَّذِي يُصَوِّرُكُمْ فِي الْأَرْحَامِ كَيْفَ يَشَاءُ} ، أَيْ: قَدْ كَانَ عِيسَى مِمَّنْ صُور فِي الْأَرْحَامِ، لَا يَدْفَعُونَ ذَلِكَ وَلَا يُنْكِرُونَهُ كَمَا صُور غَيْرُهُ مِنْ وَلَدِ آدَمَ، فَكَيْفَ يَكُونُ إلَهًا وَقَدْ كَانَ بِذَلِكَ الْمَنْزِلِ. ثُمَّ قَالَ تَعَالَى إنْزَاهًا لِنَفْسِهِ، وَتَوْحِيدًا لَهَا مِمَّا جَعَلُوا مَعَهُ: {لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} الْعَزِيزُ فِي انْتِصَارِهِ مِمَّنْ كَفَرَ بِهِ إذَا شَاءَ، الْحَكِيمُ فِي حُجَّتِهِ وَعُذْرِهِ إلَى عِبَادِهِ. {هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ} ، فهن حُجَّةُ الرَّبِّ، وعِصمة الْعِبَادِ، ودَفْع الْخُصُومِ وَالْبَاطِلِ، لَيْسَ لَهُنَّ تَصْرِيفٌ وَلَا تَحْرِيفٌ عَمَّا وُضِعْنَ عَلَيْهِ: {وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ} لَهُنَّ تَصْرِيفٌ وَتَأْوِيلٌ، ابْتَلَى اللَّهُ فيهنَّ الْعِبَادَ، كَمَا ابْتَلَاهُمْ فِي الْحَلَالِ وَالْحَرَامِ، أَلَّا يُصْرَفن إلَى الْبَاطِلِ، وَلَا يُحرَّفن عَنْ الْحَقِّ. يَقُولُ عَزَّ وَجَلَّ: {فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ} أَيْ: مَيْلٌ عَنْ الْهُدَى، {فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ} ، أَيْ: مَا تَصَرَّفَ مِنْهُ، لِيُصَدِّقُوا بِهِ مَا ابْتَدَعُوا وَأَحْدَثُوا، لِتَكُونَ لَهُمْ حُجَّةٌ، وَلَهُمْ عَلَى مَا قَالُوا شُبْهَةَ: {ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ} ، أَيْ: اللَّبْسِ، {وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ} ذَلِكَ عَلَى مَا رَكِبوا مِنْ الضَّلَالَةِ فِي قَوْلِهِمْ: خَلَقْنا وقَضَيْنا. يَقُولُ: {وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ} أَيْ: الَّذِي بِهِ أَرَادُوا، مَا أَرَادُوا {إِلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا} فَكَيْفَ يَخْتَلِفُ وَهُوَ قَوْلٌ وَاحِدٌ، مِنْ رَبٍّ وَاحِدٍ. ثُمَّ رَدُّوا تَأْوِيلَ الْمُتَشَابِهِ عَلَى مَا عَرَفُوا مِنْ تَأْوِيلِ الْمُحَكِّمَةِ الَّتِي لَا تَأْوِيلَ لِأَحَدٍ فِيهَا إلَّا تَأْوِيلٌ وَاحِدٌ، وَاتَّسَقَ بِقَوْلِهِمْ الْكِتَابُ، وصدَّق بعضُه بَعْضًا، فَنَفَذَتْ بِهِ الحُجة، وَظَهَرَ بِهِ الْعُذْرُ، وَزَاحَ بِهِ الْبَاطِلَ، وَدَمَغَ بِهِ الْكُفْرَ. يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى فِي مِثْلِ هَذَا: {وَمَا يَذَّكَّرُ} فِي مِثْلِ هَذَا: {إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ، رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا} . أَيْ: لَا تُمِلْ -قُلُوبَنَا، وَإِنْ مِلْنَا بِأَحْدَاثِنَا. {وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ} ثُمَّ قَالَ: {شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ} بِخِلَافِ مَا قَالُوا: {قَائِمًا بِالْقِسْطِ} ، أَيْ: بِالْعَدْلِ فِيمَا يُرِيدُ {لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ، إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلامُ} ، أَيْ: مَا أَنْتَ عَلَيْهِ يَا مُحَمَّدُ: التَّوْحِيدُ لِلرَّبِّ، وَالتَّصْدِيقُ

نام کتاب : سيرة ابن هشام - ت طه عبد الرؤوف سعد نویسنده : عبد الملك بن هشام    جلد : 2  صفحه : 161
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست