نام کتاب : سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد نویسنده : الصالحي الشامي جلد : 5 صفحه : 321
يزداد الأمر في نفسي إلا قوة، فلما اختلط الناس، اقتحم رسول الله- صلى الله عليه وسلم- عن بغلته، وأصلتّ السّيف، ودنوت منه، أريد ما أريد- وفي رواية فلما انهزم أصحابه جئته من عن يمينه فإذا العبّاس قائم عليه درع بيضاء، فقلت: عمّه لن يخذله، فجئته من عن يساره، فإذا بأبي سفيان بن الحارث فقلت: ابن عمه لن يخذله، فجئته من خلفه، فلم يبق إلا أن أسوّره سورة بالسّيف إذ رفع إليّ فيما بيني وبينه شواظ من نار كأنّه برق. فخفت أن يتمحشني فوضعت يدي على بصري، خوفا عليه» ، ومشيت القهقري، وعلمت أنّه ممنوع. فالتفت إلي وقال: «يا شيب أدن مني» فدنوت منه، فوضع يده على صدري وقال: «اللهم أذهب عنه الشيطان» . فرفعت إليه رأسي وهو أحب إلي من سمعي وبصري وقلبي، ثم قال: «يا شيبة قاتل الكفّار» قال: فتقدّمت بين يديه أحبّ- والله- أن أقيه بنفسي كل شيء، فلما انهزمت هوازن رجع إلى منزله ودخلت عليه فقال: «الحمد لله الّذي أراد بك خيرا مما أردت» [ (1) ] ثم حدثني بما هممت به- صلى الله عليه وسلم.
ذكر ارادة النضير بن الحارث الفتك برسول الله- صلى الله عليه وسلم- وما وقع في ذلك من الآيات
قال محمد بن عمر: حدثنا إبراهيم بن محمد بن شرحبيل العبدري عن أبيه قال: كان النضير من أحلم قريش. وكان يقول: الحمد لله الذي أكرمنا بالإسلام ومنّ علينا بمحمد- صلى الله عليه وسلم- ولم نمت على ما مات عليه الآباء، فذكر حديثا طويلا، ثم قال: خرجت مع قوم من قريش، هم على دينهم- بعد- أبو سفيان بن حرب، وصفوان بن أميّة، وسهيل بن عمرو، ونحن نريد إن كانت دبرة على محمد أن نغير عليه فيمن يغير، فلما تراءت الفئتان ونحن في حيز المشركين حملت هوازن حملة واحدة، ظننّا أنّ المسلمين لا يجبرونها أبدا، ونحن معهم وأنا أريد بمحمد ما أريد. وعمدت له فإذا هو في وجوه المشركين واقف على بغلة شهباء حولها رجال بيض الوجوه، فأقبلت عامدا إليه، فصاحوا بي: إليك، فأرعب فؤادي وأرعدت جوارحي. قلت: هذا مثل يوم بدر، إن الرجل لعلى حقّ، وإنه لمعصوم، وأدخل الله تعالى في قلبي الإسلام وغيّره عما كنت أهم به، فما كان حلب ناقة حتى كرّ أصحاب رسول الله- صلى الله عليه وسلّم- كرّة صادقة، وتنادت الأنصار بينها: الكرة بعد الفرّة: يا للخزرج، يا للخزرج، فحطمونا حطاما، فرقوا شملنا، وتشتت أمرنا، وهمّة كلّ رجل نفسه فتنحيت في غبّرات الناس حتى هبطتّ بعض أودية أوطاس فكمنت في خمر شجرة لا يهتدي إلى أحد إلّا أن يدلّه الله- تعالى- علي، فمكثت فيه أيّاما وما يفارقني الرّعب مما رأيت، ومضى رسول الله- صلى الله عليه وسلم- إلى الطّائف، فأقام ما أقام، ثم رجع إلى الجعرّانة، فقلت: لو صرت إلى الجعرانة، فقاربت رسول
[ (1) ] أخرجه البيهقي في الدلائل 6/ 188، والمغازي للواقدي 3/ 910.
نام کتاب : سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد نویسنده : الصالحي الشامي جلد : 5 صفحه : 321