نام کتاب : سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد نویسنده : الصالحي الشامي جلد : 5 صفحه : 270
أسأله كم صلّى على أنه لم يسأله لفظا ولم يجبه لفظا وإنما استفاد منه صلاة ركعتين بإشارته لا بنطقه، وأما قوله في رواية أخرى: ونسيت أن أسأله كم صلى» فيحمل على أن مراده أنّه لم يتحقق هل زاد على ركعتين أولا؟، وقال شيخه الحافظ أبو الفضل العراقي: فيحتمل أن ابن عمر وإن كان سمع من بلال أنّه صلّى ركعتين لم يكتف بذلك في أنه لم يصل غيرهما، لأنّ من صلّى أربعا أو أكثر، يصدق عليه أنه صلى ركعتين على القول بأنّ مفهوم العدد ليس بحجّة كما هو المرجّح في الأصول، فلعلّ الذي نسي أن يسأل عنه بلالا في أنّه هل زاد على ركعتين بشيء أم لا؟. قال الحافظ ابن حجر: وأمّا قول بعض المتأخرين: يجمع بين الحديثين بأن ابن عمر سأل بلالا، ثم لقيه مرّة أخرى، فسأله، ففيه نظر من وجهين: أحدهما أنّ الذي يظهر أنّ القصّة وهو سؤال ابن عمر عن صلاته في الكعبة لم يتعدد، لأنه أتى في السّؤال بالفاء المعقّبة في الرّوايتين معا، فدل على أن السؤال عن ذلك كان واحدا في وقت واحد. ثانيهما أنّ راوي قول ابن عمر «نسيت» هو نافع مولاه، ويبعد مع طول ملازمته له إلى وقت موته أن يستمرّ على حكاية النسيان، ولا يتعرض لحكاية التذكر لقدر صلاته- والله تعالى أعلم.
الثامن عشر: قال الحافظ: لا يعارض إثبات أسامة في رواية ابن عمر عنه أن النبي- صلى الله عليه وسلّم- صلّى في البيت ما رواه ابن عبّاس عن أسامة إن النبي- صلى الله عليه وسلم- لم يصلّ في البيت لإمكان الجمع بينهما، لأن أسامة حين أثبتها اعتمد في ذلك على غيره، وحيث نفاها أراد ما في علمه بكونه لم يره- صلى الله عليه وسلّم- حين صلّى، وقال الحافظ في موضع آخر: تعارضت الرواية عن أسامة في ذلك فتترجّح رواية بلال من جهة أنه مثبت وغيره ناف، ومن جهة أنه لم يختلف عليه في الإثبات، واختلف على من نفى.
وقال الإمام النووي وغيره: يجمع بين إثبات بلال، ونفي أسامة بأنهم لمّا دخلوا الكعبة اشتغلوا بالدّعاء، فرأى أسامة النبي- صلى الله عليه وسلّم- يدعو، فاشتغل أسامة بالدّعاء في ناحية، والنبي- صلى الله عليه وسلم- في ناحية، ثم صلى رسول الله- صلى الله عليه وسلّم- فرآه بلال لقربه منه ولم يره أسامة لبعده منه واشتغاله بالدّعاء، ولأن بإغلاق الباب تكون ظلمة مع احتمال أن يحجبه بعض الأعمدة، فنفاها عملا بظنه.
وقال الإمام المحب الطبريّ: يحتمل أن يكون أسامة غاب عنه بعد دخوله لحاجة فلم يشهد صلاته- انتهى. ويشهد له ما رواه أبو داود الطيالسي في مسنده بإسناد جيد رجاله ثقات عن ابن أبي ذؤيب عن عبد الرحمن بن مهران عن عمير مولى ابن عباس عن أسامة قال:
«دخلت مع النبي- صلى الله عليه وسلم- في الكعبة فرأى صورا، فدعا بدلو من ماء، فأتيته به، فضرب به الصّور» ، قال القرطبي فلعله [استصحب النّفي] بسرعة عوده انتهى قلت: هو مفرّع علي إن هذه
نام کتاب : سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد نویسنده : الصالحي الشامي جلد : 5 صفحه : 270