نام کتاب : سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد نویسنده : الصالحي الشامي جلد : 2 صفحه : 127
أجمعين وقالت لحليمة حين جاءت به وقد شق صدره وهي مذعورة: أخشيتما عليه الشيطان؟
كلا واللَّه ما للشيطان عليه سبيل وإنه لكائن لابني هذا شأن. في كلمات أخرى من هذا النمط، وقدمت به المدينة عام وفاتها وسمعت كلام اليهود فيه وشهادتهم له بالنبوة ورجعت به فماتت في الطريق. فهذا كله مما يؤيد أنها تحنفت في حياتها.
قال الشيخ رحمه اللَّه تعالى: فإن قلت كيف قررت أنها كانت موحدة في حياتها ومتحنفة وقد صح أنه استأذن ربه في الاستغفار لها فلم يؤذن له.
وقوله في الحديث «أمي مع أمكما»
يؤذن بخلاف ذلك وهبك أجبت عنهما فيما يتعلق بحديث الإحياء بأنهما متقدمان في التاريخ وذاك متأخر فكان ناسخا، فما تقول في هذا؟ فإن الموت على التوحيد ينفي التعذيب البتة؟.
قلت: أما حديث:
«أمي مع أمكما» وإن صححه الحاكم،
فقد تقرر في علوم الحديث أن الحاكم يتساهل في التصحيح. وقال الذهبي بعد قول الحاكم في هذا الحديث: أنه صحيح: قلت: لا واللَّه فإن عثمان بن عمير ضعفه الدارقطنيّ. فبين الذهبي ضعف الحديث وحلف عليه يمينا. وعلى تقدير أن يكون صحيحا فأحسن ما يقرر به الجواب أن يقال: إن قوله «أمي مع أمكما» صدر قبل أن يوحى إليه أنها من أهل الجنة، كما
قال صلى الله عليه وسلم: «لا أدري تبعا كان نبيا أم لا» [ (1) ] رواه الحاكم وابن شاهين من حديث أبي هريرة.
وقال صلى الله عليه وسلم بعد أن أوحى إليه في شأنه: «لا تسبوا تبعا فإنه كان قد أسلم» [ (2) ] رواه ابن شاهين في نسخه من حديث سهل ابن سعد وابن عباس.
وكأنه صلى الله عليه وسلّم أولا لم يوح إليه في شأنها شيء ولم يبلغه الذي قالته عند موتها ولا تذكره فإنه كان إذ ذاك ابن خمس سنين، فأطلق القول بأنها مع أمهما جريا على قاعدة أهل الجاهلية، ثم أوحى إليه في أمرها بعد ذلك.
ويؤيد ذلك أن في آخر الحديث نفسه
«ما سألتهما ربي»
فهذا يدل على إنه لم يكن بعد وقعت بينه وبين ربه مراجعة في أمرها ثم وقع بعد ذلك. وأما عدم الإذن في الاستغفار فلا يلزم منه الكفر بدليل أنه صلى الله عليه وسلم كان ممنوعا في أول الإسلام من الصلاة على من عليه دين لم يترك وفاء ومن الاستغفار له وهو من المسلمين، وعلل ذلك بأن استغفاره مجاب على الفور، فمن استغفر له وصل عقب دعائه إلى منزله الكريم في الجنة والمديون محبوس عن مقامه حتى يقضى دينه كما ورد في الحديث «نفس المؤمن معلقة بدينه حتى يقضى» فقد تكون أمّ
[ (1) ] ذكره ابن كثير في البداية والنهاية 2/ 103.
[ (2) ] أخرجه أحمد في المسند 5/ 340 والطبراني في الكبير 6/ 250 وذكره ابن كثير في البداية والنهاية 2/ 166 والسيوطي في الدر 6/ 31 والهيثمي في المجمع 8/ 76.
نام کتاب : سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد نویسنده : الصالحي الشامي جلد : 2 صفحه : 127