نام کتاب : سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد نویسنده : الصالحي الشامي جلد : 1 صفحه : 254
فهذه الأحاديث يشد بعضها بعضاً، لأن الحديث الضعيف إذا كثرت طرقه أفاد ذلك قوة، كما تقرر في علم الحديث.
وروى الطبراني عن أم هانئ رضي الله تعالى عنها، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «ما بال أقوام يزعمون أن شفاعتي لا تنال أهل بيتي، وإن شفاعتي تنال حاء وحكم»
[ (1) ] .
قال في النهاية: حاء وحكم: قبيلتان جافيتان من وراء رمل يبرين. انتهى. ويبرين بمثناة تحتية فباء موحدة فراء فمثناة تحتية فنون ويقال يبرون. قال أبو عبيد البكري: هو رمل معروف في ديار بني سعد بن تميم.
وقال الإمام أبو عبد الله محمد بن خلفة الآبي [ (2) ] في شرح مسلم في شرح حديث:
«إن أبي وأباك في النار»
[ (3) ] وأورد قول الإمام النووي فيه أي الحديث: إن من مات كافراً في النار ولا تنفعه قرابة الأقربين. ثم قال الآبي: انظر هذا الإطلاق وقد قال السهيلي رحمه الله تعالى:
ليس لنا أن نقول ذلك. فقد
قال صلى الله عليه وسلم: «لا تؤذوا الأحياء بسبّ الأموات» .
وقال تعالى: إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذاباً مُهِيناً ولعله يصح ما جاء أنه صلى الله عليه وسلم أحيا [الله] له أبويه فآمنا به، ورسول الله صلى الله عليه وسلم فوق هذا. ولا يعجز الله سبحانه وتعالى شيء.
ثم أورد قول النووي وفيه أن من مات على الفترة على ما كانت عليه العرب من عبادة الأوثان في النار، وليس هذا من التعذيب قبل بلوغ الدعوة لأنه بلغتهم دعوة إبراهيم وغيره من الرسل.
ثم قال: قلت: تأمل ما في كلامه من التنافي، فإن من بلغتهم الدعوة ليسوا بأهل فترة، فإن أهل الفترة هم الأمم الكائنة بين أزمنة الرسل الذين لم يرسل إليهم الأول ولم يدركوا الثاني، كالأعراب الذي لم يرسل إليهم عيسى ولا لحقوا النبي صلى الله عليه وسلّم. والفترة بهذا التفسير تشمل ما بين كل رسولين. ولكن الفقهاء إذا تكلموا في الفترة فإنما يعنون التي بين عيسى والنبي صلى الله عليه وسلم.
ولما دلت القواطع على أنه لا يعذب حتى تقوم الحجة علمنا أنهم غير معذبين.
فإن قلت: صحت أحاديث بتعذيب أهل الفترة كصاحب المحجن وغيره. قلت: قد
[ (1) ] ذكره الهيثمي في المجمع 9/ 260 وعزاه للطبراني وقال: وهو مرسل ورجاله ثقات.
[ (2) ] محمد بن خلفة بن عمر الأبي الوشتاتي المالكي: عالم بالحديث، من أهل تونس. نسبته إلى «أبة» من قراها. ولي قضاء الجزيرة، سنة 808 هـ. له «إكمال إكمال المعلم، لفوائد كتاب مسلم» ، جمع فيه بين المازري وعياض والقرطبي والنووي، مع زيادات من كلام شيخه ابن عرفة، و «شرح المدونة» وغير ذلك، مات بتونس سنة 827 هـ.
انظر الأعلام 6/ 154.
[ (3) ] أخرجه مسلم 1/ 192 كتاب الإيمان (347- 203) .
نام کتاب : سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد نویسنده : الصالحي الشامي جلد : 1 صفحه : 254