نام کتاب : سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد نویسنده : الصالحي الشامي جلد : 1 صفحه : 152
وكانت العماليق هم ولاة الحكم بمكة، فضيّعوا حرمة الحرم، واستحلّوا فيه أموراً عظيمة، ونالوا ما لم يكونوا ينالون. فقام فيهم رجل منهم يقال له عمّوق فقال: يا قوم أبقوا على أنفسكم، فقد رأيتم وسمعتم من أهلك من هذه الأمم، فلا تفعلوا وتواصلوا ولا تستخفّوا بحرم الله تعالى وموضع بيته. فلم يقبلوا ذلك منه وتمادوا في هلكة أنفسهم.
ثم إن جرهما وقطوراء وهما أبناء عم خرجوا سيّارة من اليمن أجدبت عليهم بلادهم فساروا بذراريهم وأموالهم، فلما قدموا مكة رأوا فيها ماء معيناً، وشجرا ملتفاً، وبناء كثيراً، وسعة من المال ودفئاً في الشتاء. فقالوا: إن هذا الموضع يجمع لنا ما نريد فأعجبهم ونزلوا به.
وكان لا يخرج من اليمن قوم إلا وعليهم ملك يقيم أمرهم، سنّة فيهم جروا عليها واعتادوها ولو كانوا نفراً يسيراً. وكان مضاض بن عمرو [ (1) ] على قومه من جرهم، وكان على قطوراء السّميدع رجل منهم، فنزل مضاض بمن معه من جرهم على مكة بقعيقعان فما [حاز [ (2) ]] ، ونزل السّميدع بقطوراء أسفل مكة بأجياد فما حاز.
وذهب العماليق إلى أن ينازعوهم أمرهم، فعلت أيديهم على العماليق. فأخرجوهم من الحرم كله فصاروا في أطرافه ولا يدخلونه، وكلّ على قومه لا يدخل أحدهما على صاحبه.
وكانوا قوما عرباً، وكان اللسان عربياً. وكان إبراهيم يزور إسماعيل. ونظر إسماعيل إلى رعلة بنت مضاض [ (3) ] فأعجبته، فخطبها إلى أبيها. انتهى.
هكذا في حديث أبي جهم ذكر العماليق وأن إسماعيل تزوّج منهم الأولى، وأن الثانية من جرهم، وليس ذلك في حديث ابن عباس، بل فيه: أن الأولى والثانية من جرهم، ونصه- بعد أن ذكر قصة زمزم: وكانت أم إسماعيل كذلك حتى مرّت بهم رفقة من جرهم أو أهل بيت من جرهم مقبلين من طريق كداء، فنزلوا في أسفل مكة فرأوا طائراً عائفاً فقالوا: إن هذا الطائر ليدور على ماء، لعهدنا بهذا الوادي وما فيه ماء. وفي لفظ: كانت جرهم يومئذ بواد قريب من مكة، فأرسلوا جرياً أو جريّين، فإذا هم بالماء، فرجعوا فأخبروهم بالماء، فأقبلوا وأم
[ (1) ] مضاض بن عمرو بن نفيلة الجرهمي: من ملوك العرب في الجاهلية. كان محبا للغزو، كثير المعارك، مقيما في الحجاز، تابعا لليمن. وكان قبل الميلاد بزمن بعيد. ويقال: إن إسماعيل النبيّ تزوج بنته وجميع ولد إسماعيل منها.
انظر الأعلام 7/ 249.
[ (2) ] في أ: فما جاوز.
[ (3) ] رعلة بنت مضاض بن عمرو الجرهميّ: امرأة إسماعيل بن إبراهيم، وأمّ «العرب المستعربة» وهم الطبقة الثالثة بعد العرب البائدة والعرب العاربة. وإن صحت رواية من جعل قحطان من نسل إسماعيل، فتكون رعلة أم القحطانيين والعدنانيين جميعا. وفي أصحاب الأنساب من يسميها «السيدة بنت مضاض» قال أبو الفداء: تزوج إسماعيل امرأة من جرهم، ورزق منها اثني عشر ولدا. وقال القلقشندي: لما نزل إسماعيل مكة، تزوج من جرهم وتعلم لغتهم. الأعلام 3/ 28.
نام کتاب : سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد نویسنده : الصالحي الشامي جلد : 1 صفحه : 152