responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : دراسة في السيرة نویسنده : عماد الدين خليل    جلد : 1  صفحه : 252
في غزوة تبوك فقد بينه للناس «لبعد الشقة وشدة الزمان وكثرة العدو، ليتأهب الناس لذلك أهبته» . وأمر صلى الله عليه وسلم بالتجهز وبعث إلى مكة وإلى قبائل العرب يستنفرهم وحضّ الذين يملكون على النفقة في سبيل الله وتهيئة الدواب التي ستنقل المقاتلين إلى الشمال. ثم ما لبث أن انطلق في رجب بأكبر جيش عرفه تاريخ الدعوة حتى ذلك الحين، قيل إنه بلغ ثلاثين ألفا، تصحبها عشرة آلاف فرس، مستخلفا في المدينة عليا بن أبي طالب رضي الله عنه [1] ، ودافعا لواءه الأعظم إلى أبي بكر ورايته إلى الزبير رضي الله عنهما [2] .
بدأ المسلمون مسيرتهم التي قطعوا فيها آلاف الأميال، وعانوا آلام العطش والجوع والحر وقلة وسائل الركوب وبعد الطريق.. ويحدثنا عبد الله بن عباس أنه قيل لعمر بن الخطاب: حدثنا عن شأن ساعة العسرة، فقال: خرجنا إلى تبوك في قيظ شديد، فنزلنا منزلا وأصابنا فيه عطش حتى ظننا أن رقابنا ستنقطع، حتى إن الرجل لينحر بعيره فيعتصر فرثه فيشربه ثم يجعل ما بقي على كبده [3] . لقد كان جوب البادية- يقول درمنغم- صعبا، وجعل محمد صلى الله عليه وسلم وجنوده يعسكرون بعد غروب الشمس المحرقة تحت عاصفة من الرمال جياعا عطاشا، وتوارى هؤلاء الجنود خلف جمالهم، مولين الرياح ظهورهم مدثرين بأرديتهم، متشبثين بالأرض، وخرج اثنان من العسكر فاختنق أحدهما واحتملت الريح الآخر. فلما أصبح الناس بدؤوا يزحفون منهوكين محمري العيون، مفطّري الأرجل، مجمّدي الريق، مدويي الآذان، مفريي الجلود، زالقين على ألواح حجرية سود، متخرقين لصخور بادية على شكل سوق الشجر.. وبلغ بعضهم من الهذيان ما صب معه في حلوقهم ووضع على صدورهم سوائل، أخذت من كروش الإبل [4] .
انتهى المطاف بالمسلمين إلى تبوك في أقصى الشمال، ويبدو أن الروم

[1] ابن هشام ص 325، الطبري: تاريخ 3/ 1- 101، 103- 104، ابن سعد 2/ 1/ 118- 119 ويذكر الأخير أن (محمد بن مسلمة) هو الذي استخلف على المدينة، الواقدي 3/ 989- 991.
[2] الواقدي 3/ 996. ويخطىء اليعقوبي (تاريخ 2/ 56) كشأنه مرارا في قوله متحدثا عن غزوة تبوك أن الرسول صلى الله عليه وسلم خرج إلى أرض الشام «يطلب بدم جعفر بن أبي طالب» بينما يشير سياق الأحداث، وحجم التحرك العسكري، وطبيعة الظروف السياسية، إلى أن الأمر أكبر بكثير من مجرد هجمة ثأرية لمقتل رجل من المسلمين.
[3] ابن كثير: البداية والنهاية 4/ 9.
[4] حياة محمد ص 365.
نام کتاب : دراسة في السيرة نویسنده : عماد الدين خليل    جلد : 1  صفحه : 252
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست