responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : دراسة في السيرة نویسنده : عماد الدين خليل    جلد : 1  صفحه : 245
يكون شأن الروم والعجم وهم يرون العرب دونهم منزلة وحضارة وثقافة وسياسة؟
بيد أن أصحاب الرسالات لا ينظرون إلى الأمور على ضوء الحاضر الضيق، فإن ثقتهم العميقة في سيادة فكرتهم وامتداد نطاقها تعترض العقبات المفروضة في الطريق وتجعلها هباء منثورا.. ثم إن الخرافة التي أفسدت عقل بدوي تترب ثيابه رياح نجد هي بعينها الخرافة التي تفسد فكر كسرى عاهل الفرس العظيم. ما الفارق بين الحمى تصيب ملكا أو تصيب صعلوكا؟ إن الطبيب يصف لهما على الحالين دواء واجدا ويتخذ ضد عدواهما حصانات واحدة. وقد أراد النبي أن يشفي الكبار والصغار من أمراض نفوسهم، وأن يناولهم جميعا الدواء الذي يصحون به.. قد يكون أولئك الملوك محجبين وراء أسوار مشيدة وحولهم من الأتباع والجند والأبهة والرياش ما يبهر العين، لكن أي عين تنبهر لهذه المظاهر؟
إن الأنبياء لا يرون في القوم إلا أنهم جهال يجب أن يتعلموا، سفهاء يجب أن يسترشدوا، وأن ما حولهم من الدنيا يجعل تبعتهم أخطر [1] .
لقد كانت سفارات الرسول وكتبه عملا بديعا من أعمال الدبلوماسية، بل كانت أول عمل قام به الإسلام في هذا الميدان.. لم يذهب عبثا كما رأينا.. ولا ريب أن النبي لم يكن يتوقع أن يلبي أولئك الملوك الأقوياء دعوته وهو ما يزال يكافح في بثها بين قومه وعشيرته، بيد أن إيفاد هذه البعوث يعد عملا متمما للرسالة النبوية. وكان العالم القديم الذي يتجه إليه النبي العربي بدعوته يقوم يومئذ على أسس واهية تنذر بالانهيار من وقت إلى آخر، وكانت الأديان القديمة قد أدركها الانحلال والوهن، فكانت الدعوة الإسلامية تبدو في جدتها وبساطتها وقوتها ظاهرة تستحق البحث والدرس، ولم يكن عسيرا أن يستشف أولو النظر البعيد ما وراء هذه الدعوة الجديدة من قوى تنذر بالانفجار، وقد كان الانفجار في الواقع سريعا جدا [2] .

[5]
في السنة الثامنة كان على الرسول صلى الله عليه وسلم أن يتخذ موقفا حاسما إزاء القبائل العربية النصرانية الموالية للبيزنطيين، بعد المواقف الغادرة التي اتخذها بعض

[1] الغزالي: فقه السيرة ص 391- 392.
[2] عنان: مواقف حاسمة ص 208.
نام کتاب : دراسة في السيرة نویسنده : عماد الدين خليل    جلد : 1  صفحه : 245
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست