responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : خاتم النبيين صلى الله عليه وآله وسلم نویسنده : أبو زهرة، محمد    جلد : 1  صفحه : 58
فهى أصلح مكان لأن ينبعث منها الدين الجديد الخالد إلى يوم القيامة حيث يلتقى العرب جميعا فيها، وحيث الأمن والسلام فيها، وحيث القدسية التى تملأ النفوس تنبعث من أرضها، وحيث دار الندوة التى يتشاور فيها العرب أجمعون.
وكان المكان أصلح الأرض، لأن تغرس فيه أغراس الدين الجديد وأن يؤتى أكله.
والعرب أصلح الجماعات لأن يحملوا عبء الدعوة إليه، والدفاع عنه وحمايته من سطوة الملوك، وطغيان الجبارين حول العرب، ومن ورائهم فهم أهل البأس والنجدة.
ولغة قريش فى مكة أصلح اللغات لأن ينزل بها القران الكريم الذى أعجز العالمين عن أن يأتى أحد بمثله، فالمكان صالح لأن يبعث رسول الله طهرا، وثقافة وقوة بأس، وجلادا، ولغة، اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسالَتَهُ [1] .

الزمان:
48- إذا كان المكان الذى اختاره الله تعالى لخاتم النبوة مكانا يدرك العقل البشرى صلاحيته، ويعلم بالاختيار مكانته، فإن الزمان قد تهيأت فيه الأسباب لدين يجمع الإنسانية، ويهديها، والقلوب قد فرغت، وأصبح العالم فى حاجة إلى هداية من السماء، إذ قد صار الناس على فترة من الرسل، فالديانة السماوية حرفت، وانحرف تابعوها، وغيروا وبدلوا وحولوها عن غايتها، وبعدوا عن الحق فيها.
والأوثان قد تزايلت قوتها وضعفت مكانتها، وأدركت العقول موضع الوهم فيها، فالهة اليونان قد زالت الأوهام التى تحيطها، والأوثان الرومانية تكشف للناس أنها أحجار لا تنفع ولا تضر، وأنها ليس فيها سر يمنع أو يمنح، يضر أو ينفع، يشفى أو يسقم، وعلى فرض أنها لم تذهب الأوهام حولها، فهى خرافات يجب إزالتها، وفساد فى العقول يجب إصلاحه.
وكانت الإمبراطورية الرومانية تعبث برعاياها، وتفرض عليهم طاغوتها، وهم لا حق لهم يستطيعون به تقويمهم، والنفوس قد ضلت وزلت، ولكنها لم ترض وتطمئن، فهى هالعة جازعة، لأنها كانت تفرض على الشعب دينها وإن كان لا يرتضيه، وتفرض عليه عقائد لا يؤمن ولا يرضى بها، كما كانت الحال فى الشعب المصرى الذى فرض عليه دينها، أو عقيدتها، كما فرض عليه سلطانها، وجعلتهم عبيدا أو كالعبيد.
والرومانيون فى داخل أرضهم، وفى الشعوب التى منيت بحكمهم، كانت التفرقة بين الناس عندهم واضحة جلية.

[1] سورة الأنعام: 124.
نام کتاب : خاتم النبيين صلى الله عليه وآله وسلم نویسنده : أبو زهرة، محمد    جلد : 1  صفحه : 58
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست