responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : خاتم النبيين صلى الله عليه وآله وسلم نویسنده : أبو زهرة، محمد    جلد : 1  صفحه : 401
القلوب، والهيبة إذا استخدمت باستمرار أرهقتها، وأرهبتها، والرسالة تستدعى تأليف القلوب دائما واللين دائما، ولقد قال الله تعالى فَبِما رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ، وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ [1] .
وتدل ثانيا: على أن أشد الناس سفها، وتهجما على الناس، واستهانة بحقوقهم، وهو فى وسط الجموع هو أشدهم خوفا، وهلعا وفزعا إذا انفرد فهو جبان رعديد، إذا لاقى خصمه وجها لوجه، وإنك لترى الذين يبالغون فى الإيذاء من الحكام وغيرهم أشدهم فزعا، إذا أحسوا بأنهم مرام مقصود، وانفردوا.
فالتهجم من فرط الاندفاع، وهو لا يتنافى مع الجبن، بل إنه يلازمه إذا لاقى الأقوياء.
هذه هى الواقعة الأولى التى أردناها. أما الواقعة الثانية: فهى ما رواه البيهقى بسنده عن عروة بن الزبير قال: قلت لعبد الله بن عمرو بن العاص: ما أكثر ما رأيت من قريش وما أصابت النبى صلى الله تعالى عليه وسلم فيما كانت تظهره من عداوة؟ فقال: رأيتهم، وقد اجتمع أشرافهم يوما فى الحجر، فذكروا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالوا: ما رأينا مثل ما صبرنا عليه من هذا الرجل قط، سفه أحلامنا، وشتم اباءنا، وعاب ديننا، وفرق جماعتنا، وسب الهتنا، وصرنا معه على أمر عظيم.
قال: فبينما هم فى ذلك طلع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأقبل يمشى حتى استلم الركن. ثم مر بهم طائفا بالبيت، فغمزوه ببعض القول، فعرفت ذلك فى وجه رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم، فمضى، فلما مر بهم الثانية غمزوه بمثلها، فعرفتها فى وجهه صلى الله تعالى عليه وسلم، فمضى فمر بهم الثالثة فغمزوه بمثلها. فقال: «أتستمعون يا معشر قريش، أما والذى نفسى بيده، لقد جئتكم بالذبح» .
فأخذت القوم كلمته، حتى ما منهم من رجل إلا وكأنه على رأسه طائر وقع، حتى إن أشدهم فيه قبل ذلك ليرفؤه، حتى إنه ليقول: «انصرف أبا القاسم راشدا فما كنت بجهول»
انصرف رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم، حتى إذا كان الغد اجتمعوا فى الحجر، وأنا معهم (أى عبد الله بن عمرو) قال بعضهم لبعض: ذكرتم ما بلغ منكم، وما بلغكم عنه، حتى إذا بدأكم بما تكرهون تركتموه.
فبينما هم على ذلك طلع رسول الله صلى الله عليه وسلم فوثبوا إليه وثبة رجل واحد، فأحاطوا به يقولون: أنت الذى تقول كذا، وكذا، وكذا، لما كان يبلغهم من عيب الهتهم ودينهم، فيقول رسول الله

[1] سورة ال عمران: 159.
نام کتاب : خاتم النبيين صلى الله عليه وآله وسلم نویسنده : أبو زهرة، محمد    جلد : 1  صفحه : 401
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست