responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : خاتم النبيين صلى الله عليه وآله وسلم نویسنده : أبو زهرة، محمد    جلد : 1  صفحه : 324
وفى الحق أننا لا نرى فارقا زمنيا، بل نجد أن دعوة التوحيد وتحريم عبادة الأوثان، والإشراك بالله ابتدأت منذ جاء عليه الصلاة والسلام، ومنذ أعلن عشيرته باستنكار عبادة الأصنام، فقال عقب الإنذار بالبراءة منهم إن عصوا، فقال الله تعالي: وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ. وَاخْفِضْ جَناحَكَ لِمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ. فَإِنْ عَصَوْكَ فَقُلْ إِنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تَعْمَلُونَ. وَتَوَكَّلْ عَلَى الْعَزِيزِ الرَّحِيمِ [1] .
وجاء مثل ذلك عند الأمر بالجهر بالدعوة، وإعلان قريش خاصة والعرب عامة، إذ قال الله تعالى:
فَاصْدَعْ بِما تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ. إِنَّا كَفَيْناكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ. الَّذِينَ يَجْعَلُونَ مَعَ اللَّهِ إِلهاً آخَرَ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ [2] .
وإذا كنا لا نجد فارقا زمنيا يحد ما بين الدعوتين، وإذا كانت الايات التى نزلت فى أول الدعوة بمكة المكرمة تتشابه فى معانيها من ناحية الأوثان مع الايات التى نزلت فى اخر مقامه عليه الصلاة والسلام بمكة المكرمة. فإن من الحق علينا أن نقول إننا لا نجد تفريقا بين حال لم تذكر فيها أوثانهم بسوء وحال قد ذكرت فيها بسوء.
وإن الذى نجده أو نظنه ظنا أن مقاومتهم ابتدأت بحال دهشة مما فوجئوا به، وتساؤل فيما بينهم، ما شأن هذا الذى جاء به محمد عليه الصلاة والسلام وهم بين من علم أن محمدا عليه الصلاة والسلام دعا إلى هذه الدعوة، وبين متشكك فى نسبة القول إليه، وبينما هم يتسائلون كانت الدعوة تسرى فى الأوساط، وتجد لها من بينهم مصادقين ما بين سادة وعبيد، وأشراف وضعاف، فتنبهوا حينئذ للمقاومة، لأمر وجدوه جدا لا هزل فيه، وقويا لا ضعف يعتريه، وإذا كان الذين يتبعونه قليلا، فهم يزيدون وسيكونون كثيرا ولابد أن يأخذوا الأهبة لمدافعة هذا الواقع، وهو لا يزال نبتا، قبل أن يستغلظ سوقه.
231- وعلى ذلك نقرر أن المقاومة كانت تتزايد فى الشدة كلما تزايدت الدعوة عموما، وتكاثر المستجيبون لها، فهم كلما رأوها تنمو ولو قليلا يحسون بالخطر شديدا، وكلما أحسوا بالخطر ازدادوا لجاجة وعنفا، لأنهم يرون الخطر على سيادتهم، ونظمهم الاجتماعية، والأرض تنهار من تحتهم شيئا فشيئا، فتزداد المقاومة بصورها المختلفة، وكل يعمل على شاكلته، وعلى الطريقة التى يرضاها خلقه، ففريق بالايذاء، وفريق بالاستهزاء، وفريق بالشكوى لأبى طالب حاميه، ويتلاقى الجميع على أمر يكون متلاقيا مع كل طبائعهم ... هكذا.

[1] سورة الشعراء: 214- 217.
[2] سورة الحجر: 94.
نام کتاب : خاتم النبيين صلى الله عليه وآله وسلم نویسنده : أبو زهرة، محمد    جلد : 1  صفحه : 324
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست