responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : خاتم النبيين صلى الله عليه وآله وسلم نویسنده : أبو زهرة، محمد    جلد : 1  صفحه : 322
وإن إسناد الأمور لأسبابها لا يعد تبريرا لها، ولكن يكون تبيانا للوقائع، وإن الأسباب فى ذاتها إثم، والإثم لا يولد إلا إثما، واللجاجة لا تولد إلا فجورا واثاما.
لقد يعجب الناس كيف يمارى أولئك وفيهم عقل فى الواحدانية، ويجادلون فى الله تعالى وهم يعلمونه، وهو شديد المحال، كيف يقف أمثال الوليد بن المغيرة وهو من أذكياء العرب، والنضر بن الحارث موقف المعارضة، وفيهم إدراك سليم، ولكن عميت عليهم الأمور بسبب ما ذكرنا فكانوا فى حيرة بين ماض ألفوه، وألفوا معه الدعة والمال والجاه والسيطرة، وحاضر قد أدركوه، ورأوا نور الحق الذى ساروا فيه، ولكن ما أن يبرق عليهم نوره ويمشوا فيه، حتى تكون غاشية المال، وغاشية الجاه، وغاشية الاستعلاء، وغاشية التعصب القبلى المردى.
ومنهم من كان يرد النور إلى قلبه رويدا رويدا، فكان فى وسط ذلك الأتون من العداوة نور يهدى إلى التى هى أحسن، والله عليم بذات الصدور.

تلقى الناس للدعوة
229- تلقى الناس فى مكة المكرمة دعوة النبى عليه الصلاة والسلام بعد أن أعلنها على الصفا، مخاطبا عشيرته الأقربين أولا، ثم مخاطبا العرب أجمعين ثانيا، حين صدع بأمر ربه، تلقوها مشدوهين لغرابة الجديد، فقسم صغى قلبه إليها، وأولئك السابقون الأولون الذين اصطفاهم الله تعالى لحمل دعوته، ومعاونة النبى عليه الصلاة والسلام فى تبليغ رسالته، ونشرها فى الأرض ومجاوزتها الأقطار من بعده.
وكان من هؤلاء الضعفاء الذين حرموا السلطان ومتعة الحياة، ورأوا فى دعوة محمد صلى الله عليه وسلم أملا مرجى فى الاخرة وإذ لم يكونوا فى حال مرضية البقاء، بل هى مرجوة الإنهاء، فأوجد فيها الإسلام الأمل فى إنهائها، فسارعوا إليها، وذاقوا العذاب فى سبيلها، فصبروا من غير انزعاج أو ارتداد، بل مضوا فى الطريق حاملين البؤس والبأساء، فى جلد وصبر وإيمان، وقد مكن الله تعالى لهم، ووفاهم صبرهم وإِنَّما يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسابٍ [1] .
والقسم الثانى أعلن العداوة للنبى منذ ابتدائها، وشنوا غارة على الذين يؤمنون، وعلى رأس هؤلاء أبو لهب عم النبى عليه الصلاة والسلام، ومن هؤلاء من ذهبت غلواؤهم فى العداوة، ولجاجتهم فى الخصومة إلى إيذاء المؤمنين، وتعذيب الضعفاء من العبيد والفقراء، ومن لا حول لهم ولا طول من عشيرة تحميهم، وعزة من النفر يدافعون عنهم، وكثير ممن دخلوا فى الإسلام كانوا على ذلك النحو، إذ لم يجدوا جوارا من أحد يدفع عنهم الأذى وعلى رأس المؤذين أبو جهل.

[1] سورة الزمر: 10.
نام کتاب : خاتم النبيين صلى الله عليه وآله وسلم نویسنده : أبو زهرة، محمد    جلد : 1  صفحه : 322
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست