responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : خاتم النبيين صلى الله عليه وآله وسلم نویسنده : أبو زهرة، محمد    جلد : 1  صفحه : 317
ومن معاملاته أنه سيدعوهم إلى تحريم الخمر، وهم يعاقرونها، لأنه لم يذقها فى الجاهلية، وقد جاء القران الكريم بأنها ليست رزقا حسنا وَمِنْ ثَمَراتِ النَّخِيلِ وَالْأَعْنابِ تَتَّخِذُونَ مِنْهُ سَكَراً وَرِزْقاً حَسَناً [1] فجعل الرزق الحسن مقابلا للسكر، فكانت إشارة إلى قبحه، والربا كان جزا من تجارتهم، وعلموا من تجارة محمد صلى الله عليه وسلم أنه لا يزاوله ولا يرتضيه، والقران الكريم يتلى بينهم بالإشارة إلى تحريمه، إذ يقول سبحانه: وَما آتَيْتُمْ مِنْ رِباً لِيَرْبُوَا فِي أَمْوالِ النَّاسِ فَلا يَرْبُوا عِنْدَ اللَّهِ، وَما آتَيْتُمْ مِنْ زَكاةٍ تُرِيدُونَ وَجْهَ اللَّهِ فَأُولئِكَ هُمُ الْمُضْعِفُونَ [2] .
فدل هذا بصريح العبارة أن هذا الدين الجديد الذى جاء به محمد عليه الصلاة والسلام عليهم سيزعج الربويين الذين يستغلون أموالهم بالربا، يدفعونه دينا ويأكلون من ثمرات تجارة غيرهم ربا، وكان فيهم كبراء أثروا من هذا الباب، وحسبوه كالبيع، وقالوا إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبا [3] .
وهكذا حسبوا أن ذلك الدين سيقلب عامة أمورهم، فعاجلوه بالإنكار، ولقد صور هذا الحال جعفر بن أبى طالب فى حديثه مع النجاشى، وإليك القصة كما جاءت فى الصحاح فى المجاوبة بين مهاجرة الحبشة، ولسانهم الناطق جعفر.
قال النجاشى:
«ما دينكم؟ أنصارى أنتم؟ قالوا: لا. قال: أفيهود أنتم؟ قالوا: لا، قال: فعلى دين قومكم؟ قالوا: لا، قال: فما دينكم، قالوا الإسلام. قال. فما الإسلام؟ قالوا: نعبد الله لا نشرك به شيئا. قال. من جاءكم بهذا؟ قالوا جاءنا به رجل من أنفسنا، قد عرفنا وجهه ونسبه، بعثه الله تعالى إلينا كما بعث الرسل إلى من قبلنا، فأمرنا بالبر والصدق والوفاء وأداء الأمانة، ونهانا أن نعبد الأوثان، وأمرنا بعبادة الله تعالى واحده لا شريك له، فصدقناه وعرفنا كلام الله تعالى، وعلمنا أن الذى جاء به هو من عند الله، فلما فعلنا ذلك عادانا قومنا، وعادوا النبى الصادق وكذبوه، وأرادوا قتله، وأرادونا على عبادات الأوثان، ففررنا إليك بديننا ودمائنا من قومنا» .
هذا الكلام يصور بعض التصوير التغيير الذى رأوه فى عاداتهم، فتجردوا لمناوأته، وأخذ الطريق عليه إن استطاعوا.
ومما دفع إلى مبادرتهم بالإنكار غرابة الأمر فى ذاته عليهم، ما كانوا يؤمنون بأن هناك يوما اخر يحاسب فيه المحسن على إحسانه والمسيء على إساءته، وأنها للجنة أبدا أو للنار أبدا، ولقد أكد ذلك النبى صلى الله تعالى عليه وسلم عندما وقف لينذر قومه بعد أن أمره ربه، فقد جاء فى تلك الخطبة تأكيد لليوم

[1] سورة النحل: 67.
[2] سورة الروم: 39.
[3] سورة البقرة: 275.
نام کتاب : خاتم النبيين صلى الله عليه وآله وسلم نویسنده : أبو زهرة، محمد    جلد : 1  صفحه : 317
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست