responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : خاتم النبيين صلى الله عليه وآله وسلم نویسنده : أبو زهرة، محمد    جلد : 1  صفحه : 308
ثم كان هذا القران الكريم الذى ابتدأ يتلوه عليهم ببيانه الذى فاق كل بيان، وعلا عن أن يتسامى إليه أى إنسان، وإن إشراق نفوس هؤلاء، وحيرتهم فى الأوثان، إذ يرون الأوثان تفقد قوتها فى نفوسهم، وتنهار مكانتها فى قلوبهم، وبقايا الأديان السماوية تتورد على عقولهم، وبعض سنن إبراهيم وماثره يزاولونها فى حجهم، وبنسبته إليهم يعتزون ويفاخرون ولم تسبق إلى نفوسهم نزعة حسد، أو حقد، أو منافسة مقيتة، مما عوق غيرهم.
كانت نفوس الذين اتبعوا الرسول والذين آمنوا معه نفوسا صافية، وما علاها من غبار الوثنية زال وشيكا، فكان الحق واحده هو الذى لمع نوره وجذبه إليهم، فوق ما كان مع محمد صلى الله تعالى عليه وسلم من بينات.
[أقسام القلوب]
ولقد قسم الباحثون فى أخلاق الناس القلوب عند تلقى الحق، إلى ثلاثة أقسام:

القسم الأول: القريب إلى الهداية
هو من يقتنع بالحق بمجرد بيانه، فبيانه واحده يهداهم إلى سواء الصراط، ولا يحتاجون إلى دليل غير سراج الحق المزهر، وأولئك هم الذين ينظرون إلى الحق، وقد خلت قلوبهم من هوى اللذات والشهوات، فأشرقت بالحكمة وصفت، فدخل نور الهدى فنطقوا به، وعملوا به، وساروا على منهاجه، وأولئك لا يطالبون حامل الحق الداعى إليه ببرهان يقدمه، فالحق واحده يحمل فى نفسه دليل صدقه، إذ اشرأبت إليه النفوس، ومن هذا القسم أولئك الذين اتبعوا محمدا صلى الله عليه وسلم فى أول الدعوة.

القسم الثانى: قوم امتلأت عقولهم بمعلومات سابقة
، أو اختلطت فى نفوسهم نوازع الحق، ونوازع الباطل، وفيهم إدراك يميزون به بين الحق والباطل، وأولئك يحتاجون إلى دليل، لينفوا به خبث الفكر الذى خالط قلوبهم، وأثر فى نفوسهم، فالبرهان يعينهم، وينير السبيل لهم، وذات الحق لا يكفى بيانه لكى يستولى عليهم، ويسيرهم إلى الهدي، فلابد من دليل يرجح نوازع الهداية على غيره.

والقسم الثالث قسم غلبت عليه الضلالة
، وغلبت عليه شقوته، فلا يتبع الحق لذات الحق، ولا يزهر فى قلبه، وليس له بصيرة مخلصة فى طلب الحق، وفى الوقت ذاته قد طمس على بصيرته، فختم على قلبه، وكان على إدراكه غشاوة، وهؤلاء هم المعاندون المكابرون الذين جعلهم الله أعداء للحق، وهؤلاء يكون موقفهم معاداة أصحابه، وموقف أصحابه مدافعته، فلا تكون العلاقة إلا ممانعة، يمنعون الحق من أن ينتشر، ويمانعهم هؤلاء ليدفعوا الأذى، ولذلك لا يكون بينهم إلا السيف.
ولقد قال الغزالى إن قوله تعالى: لَقَدْ أَرْسَلْنا رُسُلَنا بِالْبَيِّناتِ وَأَنْزَلْنا مَعَهُمُ الْكِتابَ وَالْمِيزانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ، وَأَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنافِعُ لِلنَّاسِ، وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ وَرُسُلَهُ بِالْغَيْبِ، إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ [1] .

[1] سورة الحديد: 25.
نام کتاب : خاتم النبيين صلى الله عليه وآله وسلم نویسنده : أبو زهرة، محمد    جلد : 1  صفحه : 308
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست