responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : خاتم النبيين صلى الله عليه وآله وسلم نویسنده : أبو زهرة، محمد    جلد : 1  صفحه : 276
تشبه ما يدعى للكهان، وهى أمر يبغضه، ويستنكره. لعل هذه الخواطر وغيرها أقلقته فاستبطأ الوحي، وتمناه، وعلم أنه لا يستقر مرة إلا إذا عاد الوحى إليه، شق ذلك الانقطاع على النبى صلى الله تعالى عليه وسلم، خشية على النعمة التى توقع أن ينعم الله تعالى به عليها.
ويقول فى ذلك ابن إسحاق «ثم فتر الوحى فتر من ذلك، حتى شق عليه صلى الله تعالى عليه وسلم فأحزنه» .
ذكر البخارى فى صحيحه أنه كان يذهب إلى غار حراء ينتظر حيث ينزل عليه الروح القدس جبريل ويقول فى ذلك «ثم فتر الوحى، حتى حزن النبى عليه الصلاة والسلام فيما بلغنا حزنا غدا منه مرارا كى يتردى من رؤس شواهق الجبال، فكلما أوفى بذروة لكى يلقى نفسه تبدى له جبريل، فقال:
يا محمد إنك رسول الله حقا، فيسكن جأشه، وتقر نفسه فيرجع، فإذا طالت عليه فترة الوحى غدا لمثل ذلك، فإذا أوفى بذروة جبل تبدى له جبريل، فقال مثل ذلك» وهكذا حتى انتهت فترة الانقطاع.
وقد جاء فى الصحيحين عن جابر بن عبد الله «سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: بينما أنا أمشى سمعت صوتا من السماء فرفعت بصرى، فإذا الملك الذى جاءنى بحراء قاعد على كرسى بين السماء والأرض فجنبت منه فرقا حتى هويت إلى الأرض، فجئت أهلى فقلت زملونى» فأنزل الله تعالى: يا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ. قُمْ فَأَنْذِرْ. وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ. وَثِيابَكَ فَطَهِّرْ. وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ [1] ثم حمى الوحى وتتابع [2] .
وإن هذا يدل على أن الفترة التى انقطع فيها جبريل عن محمد بن عبد الله عليه الصلاة والسلام شوقا لأن يعود الوحى، وإن شوقه إلى تلقى الوحى بعد هذه الفترة جعله محبوبا مرهوبا، أو على الأقل لا يكون فزعه منه، كفزعه الأول الذى كان عقب الرؤيا بالمعاينة لجبريل عليه السلام.

مدة الفترة:
200- لقد اختلفت الروايات فى مدة الفترة التى انقطع فيها الوحى، ما بين رواية تذكرها طويلة، وأخرى تذكرها قصيرة. فقد جاء فى المواهب اللدنية أنها بلغت ثلاث سنين، ولا شك أن هذه مدة طويلة نستبعدها، وإن كانت قد ذكرت فى كتب السيرة، والسبب فى استبعادنا لها- أنها لا تتفق مع كون النبى صلى الله تعالى عليه وسلم كان فى مشقة شديدة من تلك الغيبة حتى إنه كان يرتفع إلى شواهق الجبال ليتردى من أعلاها، وكان يتكرر ذلك، وإن الله تعالى أجل من أن يلقى بمن اختاره رحمة للعالمين

[1] سورة المدثر: 1- 5.
[2] البداية والنهاية لابن كثير ج 3 ص 16.
نام کتاب : خاتم النبيين صلى الله عليه وآله وسلم نویسنده : أبو زهرة، محمد    جلد : 1  صفحه : 276
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست