responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : خاتم النبيين صلى الله عليه وآله وسلم نویسنده : أبو زهرة، محمد    جلد : 1  صفحه : 220
ولقد كان النبى عليه الصلاة والسلام الصابر حقا وصدقا ودعا إلى الصبر، فقد أثر عنه أنه قال: «ما من أحد تصيبه مصيبة، فيقول إنا لله وإنا إليه راجعون؛ أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة، وأولئك هم المهتدون، اللهم أجرنى فى مصيبتى، وأخلف لى خيرا منها، إلا اجره الله تعالى فى مصيبته وأخلف له خيرا منها»
وإن فضيلة الصبر الجميل، وهو الصبر من غير تململ، بل فى ثبات جأش واطمئنان قلب وتحمل، هى قوة لصاحبه، فوق أن فيها تفويضا لله تعالى مع العمل من غير تخاذل، فالمفوض الصابر يؤمن بقدرة الله تعالى حق الإيمان، وأنه المغير، ولذلك طلب الرسول الصابر صلّى الله عليه وسلّم ممن يصاب أن يدعو الله تعالى، ويفوض إليه أمره، فإن ذلك يعطيه جلدا واحتمالا. ولقد قال ابن القيم فى علاج النفس بحملها على الصبر بالتفويض.
«وهذه الكلمة أى التى قالها محمد عليه الصلاة والسلام فى العلاج بالصبر، وهذه الكلمة من أبلغ علاج المصاب وأنفعه فى عاجلته واجلته، فإنها تتضمن أمرين عظيمين إذا تحقق العبد بمعرفتها تسلى عن مصيبته. أحدهما أن العبد وأهله وماله ملك لله عز وجل حقيقة، وقد جعله عند العبد عارية، فإذا أخذه منه، فهو كالمعير يأخذ متاعه من المستعير، وأيضا فإنه محفوف بعدمين: عدم قبله، وعدم بعده، وملك العبد له منحة معارة فى زمن يسير، وأيضا فإنه أليس أوجده من عدمه حتى يكون ملكه حقيقة، ألا هو الذى يحفظه من الافات بعد وجوده، وألا يبقى عليه وجوده، فليس له فيه تأثير، ولا ملك حقيقي، وأيضا فإنه متصرف فيه بالأمر تصرف العبد المأمور المنهي، وتصرف الملاك، ولهذا لا يباح له من التصرفات فيه إلا ما وافق أمر مالكه الحقيقى ... » .
والثانى: أن مصير العبد ومرجعه إلى الله تعالى مولاه الحق، ولابد أن يخلف الدنيا وراء ظهره، ويجيء ربه فردا، كما خلقه أول مرة بلا أهل ولا مال ولا عشيرة، ولكن بالحسنات والسيئات، فإذا كانت هذه بداية العبد وما حوله ونهايته، فكيف يفرح بموجود أو يأسى على مفقود، ففكره فى مبدئه ومعاده من أعظم علاج هذا الداء، ومن علاجه أن يعلم علم اليقين أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، وما أخطأه لم يكن ليصيبه، قال تعالى: ما أَصابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَها إِنَّ ذلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ. لِكَيْلا تَأْسَوْا عَلى ما فاتَكُمْ وَلا تَفْرَحُوا بِما آتاكُمْ، وَاللَّهُ لا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتالٍ فَخُورٍ [1] .

[1] زاد المعاد فى هدى خير العباد والايات من سورة الحديد: 22، 23.
نام کتاب : خاتم النبيين صلى الله عليه وآله وسلم نویسنده : أبو زهرة، محمد    جلد : 1  صفحه : 220
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست