responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : خاتم النبيين صلى الله عليه وآله وسلم نویسنده : أبو زهرة، محمد    جلد : 1  صفحه : 218
الشيطان، إن ضبط النفس أقوى مظاهر الصبر، والناظر إلى حياة محمد بن عبد الله عليه الصلاة والسلام يراه منذ نشأته إلى بلوغه سن الشباب، إلى اكتمال رجولته يرى فيه إصرارا على خلق واحد، وعقيدة واحدة، يتزلزل كل شيء حوله، ولا يتزلزل، ولا يكون ذلك إلا من صبور.
لا تغريه جدة، ولا يجزعه فقر، لا يدفعه التكاثر حول تقديس الأوثان إلى الميل نحوها، ولا يحرضه التقليد للأقوياء على أن يخضع لصنم أو يقر له بسلطان، بل يدافع الاعتقاد فى الأصنام، يدافعه فى نفسه، ويدافعه فى مجتمعه، ويدافعه فى كل مظاهر حياته، غير متجانف لإثم، ولا راض عمن يخضعون به.
إن كل ذلك يحتاج إلى ضبط نفس، وضبط فكر، واستقامة نظر، وصبر عميق يتغلغل فى أطواء النفس، وثنايا الفؤاد، وكل هذا لا يكون إلا من صابر مصابر، يغالب الأحداث بالصبر، ويغالب الأعداء بعدم الفزع، إن الصبر أقسام يختلف كل قسم باختلاف موضوعه، والصدمات التى يلقاها الصبور.
[أقسام الصبر]

أولها- الصبر على النوازل
تنزل به، ومن نوازله نازلة الفقر، لا ترمض نفسه به، ولا يذل، ولا يخنع لذل الحاجة، بل يرضى بالقليل صابرا ساعيا جادا فى جلد ودأب حتى يمنعه الفقر من أن يتسرب لنفسه بالإحساس بالذل، أو بأن تذهب قوى النفس شعاعا من الاحتياج، وإن ذلك النوع من الصبر كان فى النبى صلى الله تعالى عليه وسلم، فما ظهر منه ذل الاحتياج، بل كان حتى عندما تمد موائد الطعام، لا يكون أول من يمد ولا أكثر الغلمان تزاحما فيه، ولا تسابقا إليه، بل كان حريصا على ألا يفعل، ولو فاته الطعام.

القسم الثانى: الصبر على الحرمان من الأهواء والشهوات وقمعها.
وعلى دفع الخواطر الفاسدة، وعلى مقاومة ما تدعو إليه أحوال عبدة الأوثان لتحريم أمور حلال كتحريم السائبة والوصيلة والحامي، وكاستباحة المختنقة والموقوذة والنطيحة، وما كان منه شرب الخمر، وملاعبة بالميسر، واستقسام بالأزلام، فكل ذلك امتنع عنه محمد بن عبد الله عليه الصلاة والسلام، قبل أن يبعثه الله تعالي، وذلك من تحصين نفسه بالصبر، وما منحه الله تعالى من قوة احتمال.

القسم الثالث: الصبر على ما ينزل من نوازل
، وقد جاء محمد صلّى الله عليه وسلّم فى الحياة ليكون صبورا وشكورا.
أول ما أدرك الحياة مميزا ماتت أمه وحملته حاضنته الحبشية إلى جده، ثم لم يلبث أن فقد الجد، وقد بلغ سن التمييز الذى يعرف الحامي، وانتقل إلى بيت عمه، وكان محدود الرزق كثير العيال، فتعلم كيف يكون الصبر حيث التزاحم، فما كان يمد يده فى زحمة الغلمان على الطعام.

نام کتاب : خاتم النبيين صلى الله عليه وآله وسلم نویسنده : أبو زهرة، محمد    جلد : 1  صفحه : 218
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست