responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : خاتم النبيين صلى الله عليه وآله وسلم نویسنده : أبو زهرة، محمد    جلد : 1  صفحه : 116
والظاهر أنها خرجت به بعد أن أخذته من حاضنته ومرضعته بعد أن بلغ خمس سنين وأشهرا كما ذكرنا من قبل، أى أنه كان قد ابتدأ السادسة، وسار فيها أشهرا.
وقد زار أولئك الصفوة من الأخيار قبر عبد الله أبيه، والزوج الحبيب زوج امنة فعبرت العيون وسكنت الأصوات، وتناجت الأرواح على مشهد من الغلام المحس المدرك، فعرف أباه، وقد أرمس فى التراب، ورأى رمسه بنظره، وأدرك محبته من عبرات أمه، فكان منظرا مطبوعا فى نفسه، وهمسا مس قلبه ومشاعره، ولعله أول حزن مس قلبه الغض البريء.
أقام وأمه فى أطم بنى عدى بن النجار، وهو قصر بنى فى أكمة عالية كأنه الحصن، وقد كانت الأطم معروفة فى المدينة، ويظهر أن الإقامة لم تكن قصيرة، وربما كانت طويلة نسبيا، ومهما يكن فقد رسمت فى ذهن الغلام صورا وضحها الخيال ووسعها من غير مبالغة ولا إغراق عند ذكرها.
فيروى أنه قال، وقد راها بعد أن حمل أعباء الرسالة: «كنت مع غلمان من أخوالى نطير طائرا يقع عليه» (أى على أطم بنى النجار) . وقال فى الدار التى نزل بها هو وأمه: «ها هنا نزلت بى أمى، وفى هذه الدار قبر أبى عبد الله بن عبد المطلب» .

موت الطهور امنة:
93- أقامت امنة بدار بنى النجار ما طابت لها الإقامة، ولم ترد الاستمرار بعيدة عن بنى هاشم وعن الجد الطيب عبد المطلب كافله، فكان لابد من العودة، فأخذت فى السير إلى مكة، ولكنها وهى عائدة إليها أدركها الموت بمكان اسمه (الأبواء) ، وهو بين مكة والمدينة، وهو إلى المدينة أقرب، كما يقول صاحب الروض الأنف [1] . وبذلك صار محمد صلّى الله عليه وسلّم يتيما من أبويه إذ ادخره الله تعالى للإنسانية هاديا بالحق، داعيا إلى الرحمة، فكان نبى الرحمة، لأن الرحمة بالناس تنبع من الالام الذاتية التى تعترض فى أثناء الحياة، فإنه لا تنبعث الرحمة بالضعفاء إلا ممن ذاق مرارة الضعف، وأى ضعف أشد من اليتم، وإن القسوة فى كثير من الأحيان تكون من الذين ينشئون فى الحلية فاكهين فى نعيم الحياة.
ولقد ماتت الأم الطاهرة، وهو يدرك الحياة، وقد ذاق حلاوة حنانها، ولطف عطفها، وهى التى كان هو لها كل الوجود، واستبشرت به، واتخذت حبه عوضا عن الحب الزوجى الذى فقدته فى باكورة زواجها، وإذا كان قد فقد أباه من قبل، فقد كان ذلك هو فى غيب الله المكنون، وقد عوضه جده

[1] يقول فيه صاحب الروض الأنف: وقيل سمى الأبواء، لأن السبل كان يبوء فيه.
نام کتاب : خاتم النبيين صلى الله عليه وآله وسلم نویسنده : أبو زهرة، محمد    جلد : 1  صفحه : 116
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست