غيره من الانبياء- أعلن الايمان بجميع رسل العالم جزآ أساسيا من العقيدة التي بشّر بها، وبذلك وضع الاساس لسلم سرمديّ بين مختلف الامم، ولأنه «هو أعظم المصلحين جميعا» (بوزوورث سميث (Bosworth Smith باعتبار انه أحدث تحوّلا نحو الافضل لم يحدث نظيره لا قبله ولا بعده، ولأنه- أخيرا- «أوفر الانبياء والشخصيات الدينية حظّا من النجاح» (الموسوعة البريطانية، تحت مادة: «قرآن» ) .
إن أحكامنا على الرجال يجب أن تبنى على ما حققوه من أعمال، ولقد انجز محمد الرسول في مدى عشرين سنة ما عجزت عن انجازه قرون من جهود المصلحين اليهود والنصارى برغم السلطة الزمنية التي كانت تساندهم. لقد استأصل من بلد* كامل تراث أجيال من الوثنية، والخرافة، وسرعة التصديق، والجهل، والبغاء، والقمار، ومعاقرة الخمر، واضطهاد الضعيف، والحرب الضروس، ومئات من الشرور الأخرى. وليس في استطاعة التاريخ أن يدلنا على أي مصلح آخر وفّق إلى إحداث تحوّل في مثل هذه الروعة والتمّام، وعلى مثل هذا النطاق الواسع خلال فترة في مثل هذا القصر. «فلم يكن الاصلاح في أيما يوم من الايام ميؤوسا منه أكثر مما كان» عند ظهور الرسول، كما لاحظ ميووير Muir ولم يكن أكثر كمالا منه عندما التحق بالرفيق الأعلى. وبكلمة أخرى، «كان ذلك ولادة من الظلمة إلى النور» كما يقول كارلايل. وجياة في مثل هذه العظمة لا يمكن أن تكون خلوا من كمونيات potentialities عظيمة، بنسبة مماثلة، للمستقبل.
إنها لا يمكن إلا أن توحي إلى أيما قلب من القلوب بأنبل الفكرات الدائرة حول خدمة الانسانية. وإذا كان في سمات خلقه سمة أكثر تميّزا من غيرها فتلك السّمة هي حدبه على اليتيم والأرملة، ونصرته للضعيف والمسكين، وحبه للعمل والسعي من أجل إغاثة الملهوف. إنها
(*) يقصد شبه الجزيرة العربية (المعرب)