نام کتاب : القول المبين في سيرة سيد المرسلين نویسنده : محمد الطيب النجار جلد : 1 صفحه : 257
من أصحابه، فكان لهم في تاريخ الإسلام بلاء أي بلاء، وفي ميدان التضحية الاستشهاد صفحة ناصعة بيضاء ... ذلك بأن هؤلاء القوم من بني الهون قد تحرك الغدر الكامن في نفوسهم، بعد أن خرجوا من المدينة وعاونهم في ذلك جماعة من هذيل، في عدد كبير يبلغ المائتين فقاتل الستة المسلمون قتال الأبطال، حتى قتل ثلاثة منهم واستسلم الثلاثة الباقون، وما كان استسلامهم من خور في العزيمة أو ضعف في العقيدة أو خوف من الموت، ولكنه استسلام الليث الهصور وقع في قبضة الغالب، وأطبقت عليه القوة الطاغية من كل جانب.
وقد قتل هؤلاء الثلاثة بأيدي المشركين بعد ذلك، وكان منهم زيد بن الدثنة وهو الذي قال له المشركون حينما قدموه ليقتلوه: ننشدك الله يا زيد أتحب أن محمدًا عندنا الآن في مكانك نضرب عنقه وأنك في أهلك؟ فقال: والله ما أحب أن محمدًا الآن في مكانه الذي هو فيه تصيبه شوكة تؤذيه وأني جالس في أهلي[1].
فأية عظمة تنطوي عليها تلك النفس المؤمنة التي تستقبل الموت في سبيل الله بابتسامة الرضا والطمأنينة. والتي لو خيرت لاختارت القتل على ألا يصاب الرسول -صلى الله عليه وسلم- بشوكة تؤذيه!
إنها التربية الإسلامية التي أسست على قوله تعالى: {قُلْ إِنْ كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا [1] هذه المسماة بغزوة الرجيع، وقد ساق المؤلف القصة على ما رواه ابن إسحاق، وهي في "صحيح البخاري" 3858 مع بعض اختلاف يسير.
وانظر "البداية" 4/ 63 وما ساق الحافظ لهذه الغزوة من الروايات.
نام کتاب : القول المبين في سيرة سيد المرسلين نویسنده : محمد الطيب النجار جلد : 1 صفحه : 257