نام کتاب : القول المبين في سيرة سيد المرسلين نویسنده : محمد الطيب النجار جلد : 1 صفحه : 200
والهناء، لا إلى الهدم والإفناء، وغدا التسابق على المادة أو الجاه والسلطان تسابقًا في سبيل الله لإعلاء كلمة الحق ورفع لواء الإسلام.
ولقد كانت العصبية القبلية بين الأوس والخزرج قبل الإسلام معول هدم وتدمير يهدد القبيلتين بأسوأ مصير، وكان اليهود ينتهزون الفرصة فيشعلون النار كلما خمدت، ويحركون الفتنة كلما همدت، لينالوا من العرب، ويقيموا على أنقاض هذا الضعف قوة لهم. وفي وسط هذا الشر المطبق والفتن المتكاثفة، ومن خلال هذا الضباب المتراكم لاح بريق الأمل، وأقبل الحق المطارد في مكة يسعى إلى يثرب، يسوقه الباطل بجحافله كما تسوق الرياح العاتية الصيب الهتون، وجاء محمد بن عبد الله -صلى الله عليه وسلم- إلى المدينة بالهدى والرشاد، فقضى على الفرقة وجمع الشتات، وأحيا الله به القلوب الموات: { ... وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ لَوْ أَنفَقْتَ مَا فِي الأَرْضِ جَمِيعاً مَا أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ إِنَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} [1].
وكان من الطبيعي أن يحول الإسلام ذلك التيار القوي الذي يغذي العصبية القبلية في نفوس الأوس والخزج إلى وجهة كريمة هي الغيرة المحمودة والتنافس الشريف الذي يسعى لأجَلِّ قصد وأنبل غاية، وهي إعلاء كلمة الإسلام والقضاء على أعدائه الألداء في كل مكان، فصار الأوس والخزرج يتجهون إلى هدف واحد هو إرضاء الله ورسوله -صلى الله عليه وسلم- ولكن يتسابقون في هذا السبيل ويتنافسون، ويأبى كل فريق منهما أن يسبقه الآخر بميزة، أو يتقدم عليه بفضل أو يزيد عنه في تضحية وجهاد، وفي ذلك يقول ابن هشام: وكان مما صنع الله
ــ [1] سورة الأنفال، الآية 63.
نام کتاب : القول المبين في سيرة سيد المرسلين نویسنده : محمد الطيب النجار جلد : 1 صفحه : 200