نام کتاب : القول المبين في سيرة سيد المرسلين نویسنده : محمد الطيب النجار جلد : 1 صفحه : 188
ورجع سراقة إلى مكة مأخوذًا بما وقع له ومصمما على تنفيذ ما تعهد به من إبعاد الأذى عن محمد -صلى الله عليه وسلم- وصاحبه، وتضليل كل من يريد بهم الشر والسوء.
ويذكر الرواة[1]: أن أبا جهل وجه اللوم إلى سراقة حينما رجع دون أن يتحقق له شيء. فقال له سراقة -وكان شاعرا:
أبا حكم والله لو كنت شاهدًا ... لأمر جوادي إذ تسوخ قوائمه
علمت[2] -ولم تشكك- بأن محمدا ... رسول ببرهان فمن ذا يقاومه؟
عليك بكف القوم عنه فإنني ... أرى أمره يومًا ستبدو معالمه
بأمر يود الناس فيه بأسرهم[3] ... لو أن جميع الناس طرًا يسالمه
وسواء أكان هذا الشعر لسراقة نفسه أم أنه من كلام غيره، فإنه -بلا شك- تعبير صادق عما يجيش في صدره، بعد ما رأى تلك العناية التي تحيط بمحمد -صلى الله عليه وسلم- وتحول بين أعدائه وبين ما يشتهون.
وقد واصل الرسول -صلى الله عليه وسلم- سيره في هذا الركب موليا وجهه شطر يثرب، ولكن الدليل سلك بهم طريقًا غير مألوف حتى يمعن في تضليل الأعداء والاستخفاء عن أعينهم، فاتجه إلى تهامة على مقربة من شاطئ البحر الأحمر، وهو على أمكنة يصعب فيها السير. ولكنه اختارها لبعدها عن الطريق المعروف، فمر بعسفان -وسميت بذلك لتعسف السير فيها- ومر بالجداجد، وهو مكان كثير الصخور. ومر بالعرج، وهو مكان ينعرج فيه الطريق. وهكذا حتى وصلوا إلى [1] انظر "سيرة ابن هشام" 2/ 102-104، و"دلائل النبوة" 2/ 489 للبيهقي وغير ذلك. [2] في "الدلائل": عجبت. [3] في "الدلائل": "بإلبها"، وانظر "الروض الأنف" 612.
نام کتاب : القول المبين في سيرة سيد المرسلين نویسنده : محمد الطيب النجار جلد : 1 صفحه : 188