نام کتاب : السيرة النبوية على ضوء القرآن والسنة نویسنده : أبو شهبة، محمد جلد : 2 صفحه : 517
والفجور، وأهل الظلم والابتداع، وأهل الاستهتار بالقيم الدينية والخلقية صدورا رحبة، ونفوسا ترضى عن فعلهم، بل وتحتضنهم، ولو أن العصاة والمذنبين والمنحرفين عن الصراط المستقيم وجدوا من المجتمعات التي يعيشون فيها نبذا لهم ومقاطعة وازدراء، لكان هذا من أقوى العوامل الدافعة إلى أن يرشد الغاوي، ويستقيم المعوج، ويصلح الطالح.
3- إن المتأمل في القصة يعجب كيف أن الصحابة نفّذوا ما أمر به الرسول من المقاطعة حتى ولو كانوا في غيبة عن أعين الرقباء. فهذا كعب ينشد ابن عمه كلمة عسى أن يجد فيها ما يخفف ما به من حزن وأسى، ولكنه يأبى عليه هذه الكلمة، ويكل علم ذلك إلى الله ورسوله، وهذه غاية ما يطمع فيه مجتمع من أمانة ومراقبة لله.
4- في أثناء المحنة تعرض كعب لمحنة أخرى كانت أقسى وأشد من الأولى، فهذا هو ملك غسان يكتب له كتابا وهو في أشد أوقات المقاطعة وضيق النفس، يفسح له من صدره، ويفتح له باب الأماني الحلوة، والجاه العريض، ويستغل ما كانت عليه حالته النفسية، فيقول له: قد بلغني أن صاحبك قد جفاك، ولم يجعلك الله بدار هوان ولا مضيعة، فالحق بنا نواسك!!.
لو ان كعبا- رضي الله عنه- كان رقيق الإيمان، ضعيف النفس والخلق لوجد في هذه الفرصة السانحة المغرية ما يرغم به أنوف مقاطعيه ونابذيه، ولكن أدرك بادىء ذي بدء أنها محنة أخرى أقسى من الأولى، فلا يرضيه أن يجيب الرجل بالسلب، أو يرمي بالكتاب ويمزقه، ولكنه رمى به في التنور ليصير رمادا، ويصير كل ما به دخانا يتبدد في الهواء، وخرج الرجل من محنته وهو أقوى ما يكون إيمانا، وأصفى ما يكون روحا، وأكرم ما يكون أخلاقا، فيا لعظمة هذه النفوس المؤمنة الكبيرة!!.
5- هذه القصة توحي بما كان يتمتاع به المجتمع الإسلامي انئذ من تقدير للقيم الدينية والخلقية، فغاية ما يطمع فيه الفرد أن يكون على كمال في دينه، ومن أجلّ النعم عندهم نعمة التوبة، إنها للجديرة بأن يهنأ بها المسلم، وإنا
نام کتاب : السيرة النبوية على ضوء القرآن والسنة نویسنده : أبو شهبة، محمد جلد : 2 صفحه : 517