بأي شيء كان الإسراء والمعراج
قال الإمام النووي في شرحه على صحيح مسلم 2/ 390:
والحق الذي عليه أكثر الناس ومعظم السلف وعامة المتأخرين من الفقهاء والمحدثين والمتكلمين أنه أسرى بجسده صلّى الله عليه وسلم، والآثار تدل عليه لمن طالعها وبحث عنها، ولا يعدل عن ظاهرها إلا بدليل.
وقال ابن حجر في شرحه على البخاري 7/ 136- 137:
إن الإسراء والمعراج وقعا في ليلة واحدة في اليقظة بجسده وروحه، وإلى هذا ذهب جمهور من علماء الحديث والفقهاء والمتكلمين، وتواردت عليه ظواهر الأخبار الصحيحة، ولا ينبغي العدول عن ذلك، إذ ليس في العقل ما يحيله، حتى يحتاج إلى تأويل.
ومن الأدلة على أن الإسراء والمعراج كانا بالجسد والروح معا: قوله تعالى سُبْحانَ الَّذِي أَسْرى بِعَبْدِهِ لَيْلًا فكلمة «عبد» تطلق ويراد بها الإنسان الكامل جسدا وروحا.
استعظام مشركي قريش للإسراء والمعراج، وتعجبهم للخبر وسرعة تكذيبهم له، إذ لو كانت المسألة مسألة رؤيا، لما تعجبوا أو استنكروا، ولما سألوا النبي صلّى الله عليه وسلم عن بيت المقدس وصفاته وأبوابه وسواريه.
الدلالات والعبر: لقد عانى رسول الله صلّى الله عليه وسلم ألوانا كثيرة من المحن التي لاقاها من المشركين، وكانت آخرها ما عاناه لدى هجرته إلى الطائف.
فجاءت ضيافة الإسراء والمعراج من بعد ذلك تكريما من الله تعالى له، وتجديدا لعزيمته وثباته، فإذا كان أهل الأرض قد تخلوا عنك فإن السماء تفتح لك أبوابها. وتبدل ضعفه إلى قوة، وقلة الحيلة إلى حسن التدبير، والهوان على الناس إلى إكرام من الله تبارك وتعالى.