كان أحسن ولا أضوأ من يوم دخل علينا فيه رسول الله صلّى الله عليه وسلم، وما رأيت يوما كان أقبح ولا أظلم من يوم مات فيه رسول الله صلّى الله عليه وسلم [1] .
ولما مات قالت فاطمة: يا أبتاه أجاب ربا دعاه. يا أبتاه، من جنة الفردوس مأواه.
يا أبتاه، إلى جبريل ننعاه [2] .
موقف عمر: ووقف عمر بن الخطاب- وقد أخرجه الخبر عن وعيه- يقول: إن رجالا من المنافقين يزعمون أن رسول الله صلّى الله عليه وسلم توفى، وإن رسول الله صلّى الله عليه وسلم ما مات، لكن ذهب إلى ربه كما ذهب موسى بن عمران، فغاب عن قومه أربعين ليلة، ثم رجع إليهم بعد أن قيل قد مات.
والله ليرجعن رسول الله صلّى الله عليه وسلم، فليقطعن أيدي رجال وأرجلهم يزعمون أنه مات [3] .
موقف أبي بكر:
وأقبل أبو بكر على فرس من مسكنه بالسنح حتى نزل، فدخل المسجد، فلم يكلم الناس، حتى دخل على عائشة فتيمم رسول الله صلّى الله عليه وسلم، وهو مغشى بثوب حبرة، فكشف عن وجهه، ثم أكب عليه، فقبله وبكى، ثم قال: بأبي أنت وأمي، لا يجمع الله عليك موتتين، أما الموتة التي كتبت عليك فقد متّها.
ثم خرج أبو بكر وعمر يكلم الناس، فقال: اجلس يا عمر. فأبى عمر أن يجلس، فأقبل الناس إليه، وتركوا عمر، فقال أبو بكر: أما بعد، من كان منكم يعبد محمدا صلّى الله عليه وسلم فإن محمدا قد مات، ومن كان منكم يعبد الله، فإن الله حي لا يموت. قال الله: وَما مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ ماتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلى أَعْقابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئاً وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ ([3]: 144) قال ابن عباس: والله لكأن [1] رواه الدارمي. مشكاة المصابيح 2/ 547. [2] صحيح البخاري باب مرض النبي صلّى الله عليه وسلم 2/ 641. [3] ابن هشام 2/ 655.