وهذا هو التطور الذي أشار إليه سبحانه وتعالى في قوله: وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنْكُمْ شَيْئاً وَضاقَتْ عَلَيْكُمُ الْأَرْضُ بِما رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُمْ مُدْبِرِينَ (25) ثُمَّ أَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَأَنْزَلَ جُنُوداً لَمْ تَرَوْها وَعَذَّبَ الَّذِينَ كَفَرُوا وَذلِكَ جَزاءُ الْكافِرِينَ (9: 25، 26) .
حركة المطاردة:
ولما انهزم العدو صارت طائفة منهم إلى الطائف، وطائفة إلى نخلة، وطائفة إلى أوطاس، فأرسل النبي صلّى الله عليه وسلم إلى أوطاس طائفة من المطاردين يقودهم أبو عامر الأشعري، فتناوش الفريقان القتال قليلا، ثم انهزم جيش المشركين، وفي هذه المناوشة قتل القائد أبو عامر الأشعري.
وطاردت طائفة أخرى من فرسان المسلمين فلول المشركين الذين سلكوا نخلة، فأدركت دريد بن الصمة فقتله ربيعة بن رفيع.
وأما معظم فلول المشركين الذين لجأوا إلى الطائف؛ فتوجه إليهم رسول الله صلّى الله عليه وسلم بنفسه بعد أن جمع الغنائم.
الغنائم:
وكانت الغنائم: السبي ستة آلاف رأس، والإبل أربعة وعشرون ألفا، والغنم أكثر من أربعين ألف شاة، وأربعة آلاف أوقية فضة، أمر رسول الله صلّى الله عليه وسلم بجمعها، ثم حبسها بالجعرانة، وجعل عليها مسعود بن عمرو الغفاري، ولم يقسمها حتى فرغ من غزوة الطائف.
وكانت في السبي الشيماء بنت الحارث السعدية؛ أخت رسول الله صلّى الله عليه وسلم من الرضاعة، فلما جيء بها إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلم عرفت له نفسها فعرفها بعلامة فأكرمها، وبسط لها رداءه، وأجلسها عليه، ثم من عليها، وردها إلى قومها.
غزوة الطائف:
وهذه الغزوة في الحقيقة امتداد لغزوة حنين، وذلك أن معظم فلول هوازن وثقيف دخلوا الطائف مع القائد العام- مالك بن عوف النصري- وتحصنوا بها، فسار إليهم رسول الله صلّى الله عليه وسلم بعد فراغه من حنين وجمع الغنائم بالجعرانة في نفس الشهر- شوال سنة 8 هـ.