الدخول في مكة بعث جعفر بن أبي طالب بين يديه إلى ميمونة، فجعلت أمرها إلى العباس، وكانت أختها أم الفضل تحته، فزوجها إياه، فلما خرج من مكة خلف أبا رافع ليحمل ميمونة إليه حين يمشي، فبنى بها بسرف [1] .
وسميت هذه العمرة بعمر القضاء؛ إما لأنها كانت قضاء عن عمرة الحديبية، أو لأنها وقعت حسب المقاضاة أي المصالحة التي وقعت في الحديبية، والوجه الثاني رجحه المحققون [2] وهذه العمرة تسمى بأربعة أسماء: القضاء، والقضية، والقصاص، والصلح [3] .
وبعد الرجوع من عمرة القضاء بعث عدة سرايا، هاك تفصيلها:
1- سرية ابن أبي العوجاء، في ذي الحجة سنة 7 هـ، في خمسين رجلا بعثه رسول الله إلى بني سليم، ليدعوهم إلى الإسلام، فقالوا: لا حاجة لنا إلى ما دعوتنا، ثم قاتلوا قتالا شديدا، جرح فيه أبو العوجاء، وأسر رجلان من العدو.
2- سرية غالب بن عبد الله إلى مصاب أصحاب بشير بن سعد بفدك في صفر سنة 8 هـ. بعث في مائتي رجل، فأصابوا من العدو نعما، وقتلوا منهم قتلى.
3- سرية ذات أطلح في ربيع الأول سنة 8 هـ. كانت بنو قضاعة قد حشدت جموعا كبيرة للإغارة على المسلمين، فبعث إليهم رسول الله صلّى الله عليه وسلم كعب بن عمير الأنصاري في خمسة عشر رجلا، فلقوا العدو، فدعوهم إلى الإسلام، فلم يستجيبوا لهم، وأرشقوهم بالنبل حتى استشهدوا كلهم إلا رجل واحد، فقد ارتث من يبن القتلى [4] .
4- سرية ذات عرق إلى بني هوازن في ربيع الأول سنة 8 هـ. كانت بنو هوازن قد أمدت الأعداء مرة بعد أخرى، فأرسل إليه شجاع بن وهب الأسدي في خمسة وعشرين رجلا، فاستاقوا نعما من العدو، ولم يلقوا كيدا [5] . [1] زاد المعاد 2/ 152. [2] انظر زاد المعاد 1/ 172، فتح الباري 7/ 500. [3] انظر نفس المصدر الأخير. [4] رحمة للعالمين 2/ 231. [5] نفس المصدر وتلقيح فهوم أهل الأثر لابن الجوزي ص 33 حاشية.