بالهجوم عليه تحت قيادة الحباب بن المنذر الأنصاري، ففرضوا عليه الحصار ثلاثة أيام، وفي اليوم الثالث، دعا رسول الله صلّى الله عليه وسلم لفتح هذا الحصن دعوة خاصة.
وروى ابن إسحاق: أن بني سهم من أسلم أتوا رسول الله صلّى الله عليه وسلم، فقالوا: لقد جهدنا وما بأيدينا من شيء، فقال: «اللهم إنك قد عرفت حالهم، وأن ليست بهم قوة، وأن ليس بيدي شيء أعطيهم إياه، فافتح عليهم أعظم حصونها عنهم غناء، وأكثرها طعاما وودكا» . فغدا الناس ففتح الله عز وجل حصن الصعب بن معاذ، وما بخيبر حصن كان أكثر طعاما وودكا منه [1] .
ولما ندب النبي صلّى الله عليه وسلم المسلمين بعد دعائه لمهاجمة هذا الحصن كان بنو أسلم هم المقاديم في المهاجمة، ودار البراز والقتال أمام الحصن. ثم فتح الحصن في ذلك اليوم قبل أن تغرب الشمس، ووجد فيه المسلمون بعض المنجنيقات والدبابات.
ولأجل هذه المجاعة الشديدة التي ورد ذكرها في رواية إبن إسحاق كان رجال من الجيش قد ذبحوا الحمير، ونصبوا القدور على النيران، فلما علم رسول الله صلّى الله عليه وسلم بذلك نهى عن لحوم الحمر الإنسية.
فتح قلعة الزبير:
وبعد فتح حصن ناعم والصعب تحول اليهود من كل حصون النطاة إلى قلعة الزبير، وهو حصن منيع في رأس قلة [2] ، لا تقدر عليه الخيل والرجال لصعوبته وامتناعه، ففرض عليه رسول الله صلّى الله عليه وسلم الحصار، وأقام محاصرا ثلاثة أيام. فجاء رجل من اليهود، وقال: يا أبا القاسم إنك لو أقمت شهرا ما بالوا، إن لهم شرابا وعيونا تحت الأرض، يخرجون بالليل ويشربون منها، ثم يرجعون إلى قلعتهم فيمتنعون منك، فإن قطعت مشربهم عليه أصحروا لك. فقطع ماءهم عليهم، فخرجوا فقاتلوا أشد القتال، قتل فيه نفر من المسلمين، وأصيب نحو العشرة من اليهود، وافتتحه رسول الله صلّى الله عليه وسلم. [1] ابن هشام ملخصا 2/ 332، والودك: دسم اللحم. [2] القلّه هي القمة العالية.