وعثمان بن طلحة، ولما حضروا عند النبي صلّى الله عليه وسلم قال: إن مكة قد ألقت إلينا أفلاذ كبدها [1] .
وقفة تأمل في هذا الصلح
إن صلح الحديبية كان مقدمة بين يدي فتح مكة، فقد كانت الهدنة بابا له ومفتاحا، وتلك هي عادة الله سبحانه وتعالى، يوطيء بين يدي الأمور مقدمات تؤذن بها وتدل عليها.
فبعد هذه الهدنة أمن الناس بعضهم بعضا، واختلط المسلمون بالكفار، وراحوا يدعونهم، ويسمعونهم القرآن، ويناظرنهم جهرة آمنين، وظهر من المسلمين من كان متخفيا.
وعن الزهري قال: «لقد دخل في تينك السنتين- بين صلح الحديبية وفتح مكة- مثل من كان في الإسلام قبل ذلك أو أكثر» .
ولذلك أطلق القرآن اسم الفتح على هذا الصلح، وذلك في قوله: لَقَدْ صَدَقَ اللَّهُ رَسُولَهُ الرُّؤْيا بِالْحَقِّ، لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرامَ إِنْ شاءَ اللَّهُ آمِنِينَ مُحَلِّقِينَ رُؤُسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ لا تَخافُونَ، فَعَلِمَ ما لَمْ تَعْلَمُوا فَجَعَلَ مِنْ دُونِ ذلِكَ فَتْحاً قَرِيباً [الفتح 27] . [1] اختلفوا كثيرا في تعيين السنة التي أسلم فيها هؤلاء الصحابة، وعامة كتب أسماء الرجال تصرح أنها سنة ثمان، ولكن قصة إسلام عمرو بن العاص عند النجاشي معروفة، وأسلم خالد وعثمان بن طلحة حين رجع عمرو بن العاص من الحبشة فإنه بعد الرجوع قصد المدينة فلقياه في الطريق، وحضر الثلاثة عند النبي صلّى الله عليه وسلم وأسلموا وهذا يقتضي أنهم أسلموا في أوائل سنة سبع. والله أعلم.