إلى ذراري هؤلاء الذين أعانوهم فنصيبهم؟ فإن قعدوا قعدوا موتورين محزونين، وإن نجوا يكن عنق قطعها الله، أم تريدون أن نؤم هذا البيت فمن صدنا عنه قاتلناه» ؟ فقال أبو بكر: الله ورسوله أعلم، إنما جئنا معتمرين، لم نجىء لقتال أحد، ولكن من حال بيننا وبين البيت قاتلناه، فقال النبي صلّى الله عليه وسلم: «فروحوا، فراحوا» .
محاولة قريش صد المسلمين عن البيت:
وكانت قريش لما سمعت بخروج النبي صلّى الله عليه وسلم عقدت مجلسا استشاريا، قررت فيه صد المسلمين عن البيت كيفما يمكن، فبعد أن أعرض رسول الله صلّى الله عليه وسلم عن الأحابيش، نقل إليه رجل من بني كعب أن قريشا نازلة بذي طوى، وأن مائتي فارس في قيادة خالد بن الوليد مرابطة بكراع الغميم، في الطريق الرئيسي الذي يوصل إلى مكة. وقد حاول خالد صد المسلمين، فقام بفرسانه إزاءهم يتراآى الجيشان، ورأى خالد المسلمين في صلاة الظهر يركعون ويسجدون فقال: لقد كانوا على غرة، لو كنا حملنا عليهم لأصبنا منهم، ثم قرر أن يميل على المسلمين- وهم في صلاة العصر- ميلة واحدة، ولكن الله أنزل حكم صلاة الخوف، ففاتت الفرصة خالدا.
تبديل الطريق ومحاولة الاجتناب عن اللقاء الدامي:
وأخذ رسول الله صلّى الله عليه وسلم طريقا وعرا بين شعاب، وسلك بهم ذات اليمين بين ظهري الحمش، في طريق على ثنية المرار مهبط الحديبية من أسفل مكة، وترك الطريق الرئيسي الذي يفضي إلى الحرم مارا بالتنعيم، تركه إلى اليسار، فلما رأى خالد قترة الجيش الإسلامي قد خالفوا عن طريقه انطلق يركض نذيرا لقريش.
وسار رسول الله صلّى الله عليه وسلم، حتى إذا كان بثنية المرار بركت راحلته، فقال الناس: حل حل، فألحت، فقالوا: خلأت القصواء، خلأت القصواء، فقال النبي صلّى الله عليه وسلم: «ما خلأت القصواء وما ذاك لها بخلق، ولكن حبسها حابس الفيل» ، ثم قال: «والذي نفسي بيده لا يسألوني خطة يعظمون فيها حرمات الله إلا أعطيتهم إياها» ، ثم زجرها فوثبت به، فعدل حتى نزل بأقصى