هو [1] . وجاءت أخت النعمان بن بشير بحفنة من تمر إلى الخندق ليتغدى أبوه وخاله، فمرت برسول الله صلّى الله عليه وسلم فطلب منها التمر وبدده فوق ثوب، ثم دعا أهل الخندق فجعلوا يأكلون منه.
وجعل التمر يزيد حتى صدر أهل الخندق عنه، وإنه يسقط من أطراف الثوب [2] .
وأعظم من هذين ما رواه البخاري عن جابر قال: إنا يوم الخندق نحفر، فعرضت كدية شديدة، فجاؤوا النبي صلّى الله عليه وسلم فقالوا: هذه كدية عرضت في الخندق، فقال: أنا نازل، ثم قام وبطنه معصوب بحجر- ولبثنا ثلاثة لا نذوق ذواقا- فأخذ النبي صلّى الله عليه وسلم المعول، فضرب فعاد كثيبا أهيل أو أهيم [3] ، أي صار رملا لا يتماسك.
وقال البراء: لما كان يوم الخندق عرضت لنا في بعض الخندق صخرة لا تأخذ منها المعاول، فاشتكينا ذلك لرسول الله صلّى الله عليه وسلم، فجاء وأخذ المعول فقال: بسم الله ثم ضرب ضربة، وقال: الله أكبر، أعطيت مفاتيح الشام، والله إني لأنظر قصورها الحمر الساعة، ثم ضرب الثانية فقطع آخر، فقال: الله أكبر، أعطيت فارس، والله إني لأبصر قصر المدائن الأبيض الآن، ثم ضرب الثالثة، فقال: بسم الله، فقطع بقية الحجر، فقال: الله أكبر، أعطيت مفاتيح اليمن، والله إني لأبصر أبواب صنعاء من مكاني [4] .
وروى ابن إسحاق مثل ذلك عن سلمان الفارسي رضي الله عنه [5] .
ولما كانت المدينة تحيط بها الحرات والجبال وبساتين من النخيل من كل جانب سوى الشمال، وكان النبي صلّى الله عليه وسلم يعلم كخبير عسكري حاذق أن زحف مثل هذا الجيش الكبير، ومهاجمة المدينة- لا يمكن إلا من جهة الشمال، اتخذ الخندق في هذا الجانب.
وواصل المسلمون عملهم في حفره، فكانوا يحفرونه طول النهار، ويرجعون إلى أهليهم في [1] روى ذلك البخاري 2/ 588، 589. [2] ابن هشام 2/ 218. [3] صحيح البخاري 2/ 588. [4] سنن النسائي 2/ 56، وأحمد في مسنده واللفظ ليس للنسائي، وفيه عن رجل من الصحابة. [5] ابن هشام 2/ 219.