ولما جاوز ثنية الوداع رأى كتيبة حسنة التسليح منفردة عن سواد الجيش، فسأل عنها، فأخبر أنهم اليهود من حلفاء الخزرج [1] ، يرغبون المساهمة في القتال ضد المشركين، فسأل: هل أسلموا؟ فقالوا: لا. فأبى أن يستعين بأهل الكفر على أهل الشرك.
استعراض الجيش:
وعندما وصل إلى مقام يقال له «الشيخان» استعرض جيشه، فرد من استصغره ولم يره مطيقا للقتال، وكان منهم عبد الله بن عمر بن الخطاب، وأسامة بن زيد، وأسيد بن ظهير، وزيد بن ثابت، وزيد بن أرقم، وعرابة بن أوس، وعمرو بن حزم، وأبو سعيد الخدري، وزيد بن حارثة الأنصاري، وسعد بن حبة، ويذكر في هؤلاء البراء بن عازب، لكن حديثه في البخاري يدل على شهوده القتال ذلك اليوم.
وأجاز رافع بن خديج، وسمرة بن جندب على صغر سنهما، وذلك أن رافع بن خديج كان ماهرا في رماية النبل فأجازه، فقال سمرة: أنا أقوى من رافع. أنا أصرعه، فلما أخبر رسول الله صلّى الله عليه وسلم بذلك أمرهما أن يتصارعا أمامه، فتصارعا، فصرع سمرة رافعا، فأجازه أيضا.
المبيت بين أحد والمدينة:
وفي هذا المكان أدركهم المساء، فصلى المغرب، ثم صلى العشاء، وبات هنالك، وانتخب خمسين رجلا لحراسة المعسكر يتجولون حوله، وكان قائدهم محمد بن مسلمة الأنصاري، بطل سرية كعب بن الأشرف، وتولى ذكوان بن عبد قيس حراسة النبي صلّى الله عليه وسلم خاصة.
تمرد عبد الله بن أبي وأصحابه:
وقبل طلوع الفجر بقليل أدلج، حتى إذا كان بالشوط صلى الفجر، وكان بمقربة جدا من العدو فقد كان يراهم ويرونه، وهناك تمرد عبد الله بن أبي المنافق، فانسحب بنحو ثلث العسكر- ثلاثمائة مقاتل- قائلا: ما ندري علام نقتل أنفسنا؟ ومتظاهرا بالاحتجاج بأن الرسول صلّى الله عليه وسلم ترك رأيه وأطاع غيره. [1] روى ذلك ابن سعد وفيه أنهم من بني قينقاع (2/ 34) ومعلوم أن بني قينقاع كان قد تم إجلاؤهم عقب بدر.