وأحرقوا هناك أسوارا من النخل، ووجدوا رجلا من الأنصار وحليفا له في حرث لهما فقتلوهما، وفروا راجعين إلى مكة.
وبلغ رسول الله صلّى الله عليه وسلم الخبر، فسارع لمطاردة أبي سفيان وأصحابه، ولكنهم فروا ببالغ السرعة، وطرحوا سويقا كثيرا من أزوادهم وتمويناتهم يتخففون به، فتمكنوا من الإفلات، وبلغ رسول الله صلّى الله عليه وسلم إلى قرقرة الكدر، ثم انصرف راجعا، وحمل المسلمون ما طرحه الكفار من سويقهم، وسموا هذه المناوشة بغزوة السويق. وقعت في ذي الحجة سنة [2] هـ بعد بدر بشهرين، واستعمل على المدينة في هذه الغزوة أبا لبابة بن عبد المنذر [1] .
غزوة ذي أمر:
وهي أكبر حملة عسكرية قادها رسول الله صلّى الله عليه وسلم قبل معركة أحد، قادها في المحرم سنة 3 هـ.
وسببها أن استخبارات المدينة نقلت إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلم أن جمعا كبيرا من بني ثعلبة ومحارب تجمعوا، يريدون الإغارة على أطراف المدينة، فندب رسول الله صلّى الله عليه وسلم المسلمين، وخرج في أربعمائة وخمسين مقاتلا ما بين راكب وراجل، واستخلف على المدينة عثمان بن عفان.
وفي أثناء الطريق قبضوا على رجل يقال له جبار من بني ثعلبة، فأدخل على رسول الله صلّى الله عليه وسلم، فدعاه إلى الإسلام فأسلم، فضمه إلى بلال، وصار دليلا لجيش المسلمين إلى أرض العدو.
وتفرق الأعداء في رؤوس الجبال حين سمعوا بقدوم جيش المدينة. أما النبي صلّى الله عليه وسلم فقد وصل بجيشه إلى مكان تجمعهم، وهو الماء المسمى «بذي أمر» فأقام هناك صفرا كله- من سنة 3 هـ- أو قريبا من ذلك، ليشعر الأعراب بقوة المسلمين، ويستولي عليهم الرعب والرهبة، ثم رجع إلى المدينة [2] . [1] زاد المعاد 2/ 90، 91، ابن هشام 2/ 44، 45. [2] ابن هشام 2/ 46، زاد المعاد 2/ 91، ويذكرون أن محاولة اغتيال النبي صلّى الله عليه وسلم من قبل دعثور أو غورث المحاربي كانت في هذه الغزوة. والصحيح أنها في غير هذه الغزوة انظر صحيح البخاري 2/ 593.