أصحابه، ولكن يبدو أنه كان متواطئا مع قريش، فكان لا يجد فرصة إلا وينتهزها لإيقاع الشر بين المسلمين والمشركين، وكان يضم معه اليهود؛ ليعينوه على ذلك، ولكن تلك هي حكمة النبي صلّى الله عليه وسلم التي كانت تطفىء نار شرهم حينا بعد حين [1] .
إعلان عزيمة الصد عن المسجد الحرام:
ثم إن سعد بن معاذ انطلق إلى مكة معتمرا، فنزل على أمية بن خلف بمكة، فقال لأمية:
انظر لي ساعة خلوة لعلي أن أطوف بالبيت، فخرج به قريبا من لقف النهار، فلقيهما أبو جهل فقال: يا أبا صفوان، من هذا معك؟ فقال: هذا سعد، فقال له أبو جهل: ألا أراك تطوف بمكة آمنا وقد آويتم الصباة، وزعمتم أنكم تنصرونهم، وتعينونهم، أما والله لولا أنك مع أبي صفوان ما رجعت إلى أهلك سالما، فقال له سعد ورفع صوته عليه: أما والله لئن منعتني هذا لأمنعك ما هو أشد عليك منه، طريقك على أهل المدينة [2] .
قريش تهدد المهاجرين:
ثم إن قريشا أرسلت إلى المسلمين تقول لهم: لا يغرنكم أنكم أفلتمونا إلى يثرب، سنأتيكم فنستأصلكم ونبيد خضراءكم في عقر داركم [3] .
ولم يكن هذا كله وعيدا مجردا، فقد تأكد عند رسول الله صلّى الله عليه وسلم من مكائد قريش وإرادتها على الشر ما كان لأجله لا يبيت إلا ساهرا، أو في حرس من الصحابة، فقد روى مسلم في صحيحه عن عائشة رضي الله تعالى قالت: سهر رسول الله صلّى الله عليه وسلم مقدمه المدينة ليلة، فقال:
ليت رجلا صالحا من أصحابي يحرسني الليلة، قالت فبينما نحن كذلك سمعنا خشخشة سلاح، فقال: من هذا؟ قال: سعد بن أبي وقاص، فقال له رسول الله صلّى الله عليه وسلم: ما جاء بك؟ فقال:
وقع في نفسي خوف على رسول الله صلّى الله عليه وسلم، فجئت أحرسه، فدعا له رسول الله صلّى الله عليه وسلم، ثم نام [4] . [1] انظر في هذا الصدد صحيح البخاري 2/ 655، 656، 916، 924. [2] صحيح البخاري، كتاب المغازي 2/ 563. [3] رحمة للعالمين 1/ 116. [4] مسلم باب فضل سعد بن أبي وقاص 2/ 280 واللفظ له، وصحيح البخاري- باب الحراسة في الغزو في سبيل الله 1/ 404.