ذلك خرج الناس ارسالا يتبع بعضهم بعض. وبعد شهرين وبضعة أيام من بيعة العقبة الكبرى لم يبق بمكة من المسلمين إلا رسول الله صلّى الله عليه وسلم وأبو بكر وعلي- أقاما بأمره لهما- وإلا من احتبسه المشركون كرها. وقد أعد رسول الله صلّى الله عليه وسلم جهازه ينتظر متى يؤمر بالخروج، وأعد أبو بكر جهازه [1] .
روى البخاري عن عائشة قالت: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم للمسلمين إني أريت دار هجرتكم ذات نخل بين لابتين- وهما الحرتان- فهاجر من هاجر قبل المدينة. ورجع عامة من كان هاجر بأرض الحبشة إلى المدينة، وتجهز أبو بكر قبل المدينة، فقال له رسول الله صلّى الله عليه وسلم على رسلك، فإني أرجو أن يؤذن لي، فقال له أبو بكر: وهل ترجو ذلك بأبي أنت؟ قال: نعم فحبس أبو بكر نفسه على رسول الله صلّى الله عليه وسلم ليصحبه، وعلف راحلتين كانتا عنده ورق السمر- وهو الخبط- أربعة أشهر [2] . [1] زاد المعاد 2/ 52. [2] صحيح البخاري، باب هجرة النبي صلّى الله عليه وسلم وأصحابه 1/ 553.