16- علي بن أبي طالب إلى نجران (لجمع الصدقة والجزية كليهما) .
وليس هؤلاء العمال كلهم بعثوا في المحرم سنة 9 هـ، بل تأخر بعث عدة منهم إلى اعتناق الإسلام من تلك القبائل التي بعثوا إليها. نعم كانت بداية بعث العمال بهذا الإهتمام البالغ في المحرم سنة 9 هـ. وهذا يدل على مدى نجاح الدعوة الإسلامية بعد هدنة الحديبية، وأما بعد فتح مكة فقد دخل الناس في دين الله أفواجا.
السرايا
وكما بعث المصدقون إلى القبائل، مست الحاجة إلى بعث عدة من السرايا، مع سيادة الأمن على عامة مناطق الجزيرة. وهاك لوحة تلك السرايا:
1- سرية عيينة بن حصن الفزاري
- في المحرم سنة 9 هـ- إلى بني تميم، في خمسين فارسا، لم يكن فيهم مهاجري ولا أنصاري، وسببها أن بني تميم كانوا قد أغروا القبائل، ومنعوهم عن أداء الجزية.
وخرج عيينة بن حصن يسير الليل ويكمن النهار، حتى هجم عليهم في الصحراء، فولى القوم مدبرين، وأخذ منهم أحد عشر رجلا وإحدى وعشرين امرأة وثلاثين صبيا، وساقهم إلى المدينة، فأنزلوا في دار رملة بنت الحارث.
وقدم فيهم عشرة من رؤسائهم، فجاؤا إلى باب النبي صلى الله عليه وسلم، فنادوا: يا محمد اخرج إلينا، فخرج فتعلقوا به، وجعلوا يكلمونه، فوقف معهم، ثم مضى حتى صلى الظهر، ثم جلس في صحن المسجد، فأظهروا رغبتهم في المفاخرة والمباهاة، وقدموا خطيبهم عطارد ابن حاجب فتكلم، فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم ثابت بن قيس بن شماس- خطيب الإسلام- فأجابهم، ثم قدموا شاعرهم الزبرقان بن بدر فأنشد مفاخرا، فأجابه شاعر الإسلام حسان بن ثابت على البديهة.
ولما فرغ الخطيبان والشاعران قال الأقرع بن حابس: خطيبه أخطب من خطيبنا، وشاعره أشعر من شاعرنا، وأصواتهم أعلى من أصواتنا، وأقوالهم أعلى من أقوالنا، ثم أسلموا فأجازهم رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأحسن جوائزهم، ورد عليهم نساءهم وأبناءهم [1] . [1] هكذا ذكره أهل المغازي إن هذه السرية كانت في المحرم سنة 9 هـ. وفيه نظر ظاهر، فإن السياق يشعر بأن الأقرع بن حابس لم يكن قبلها، وقد ذكروا أن الأقرع بن حابس هو الذي قال حين استرد رسول الله صلى الله عليه وسلم سبايا بني هوازن: أما أنا وبنو تميم فلا. وهذا يقتضي إسلامه قبل هذه السرية.