وعقد رسول الله صلى الله عليه وسلم لعمرو بن العاص لواء أبيض، وجعل معه راية سوداء، وبعثه في ثلاثمائة من سراة المهاجرين والأنصار، ومعهم ثلاثون فرسا، وأمره أن يستعين بمن مر به من بلي وعذره وبلقين، فسار الليل وكمن النهار، فلما قرب من القوم بلغه أن لهم جمعا كثيرا، فبعث رافع بن مكيث الجهني إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يستمده، فبعث إليه أبا عبيدة بن الجراح في مائتين وعقد له لواء، وبعث له سراة المهاجرين والأنصار- فيهم أبو بكر وعمر- وأمره أن يلحق بعمرو، وأن يكونا جميعا ولا يختلفا، فلما لحق به أراد أبو عبيدة أن يؤم الناس، فقال عمرو: إنما قدمت عليّ مددا، وأنا الأمير، فأطاعه أبو عبيدة، فكان عمرو يصلي بالناس.
وسار حتى وطىء بلاد قضاعة، فدوخها حتى أتى أقصى بلادهم، ولقي في آخر ذلك جمعا، فحمل عليهم المسلمون فهربوا في البلاد وتفرقوا.
وبعث عوف بن مالك الأشجعي بريدا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأخبره بقفولهم وسلامتهم، وما كان في غزاتهم.
وذات السلاسل (بضم السين الأولى وفتحها: لغتان) بقعة وراء وادي القرى، بينها وبين المدينة عشرة أيام. وذكر ابن إسحاق أن المسلمين نزلوا على ماء بأرض جذام يقال له السلسل، فسمي ذات السلاسل [1] .
سرية أبي قتادة إلى خضرة
كانت هذه السرية في شعبان سنة 8 هـ. وذلك لأن بني غطفان كانوا يتحشدون في خضرة- وهي أرض محارب بنجد- فبعث إليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم أبا قتادة في خمسة عشر رجلا فقتل منهم، وسبا وغنم، وكانت غيبته خمس عشرة ليلة [2] . [1] انظر ابن هشام 2/ 623، 624، 625، 626، زاد المعاد 2/ 157. [2] رحمة للعالمين 2/ 233، تلقيح فهوم أهل الأثر ص 33.