قد أنزل الرحمن في تنزيله ... في صحف تتلى على رسوله
يا رب إني مؤمن بقيله ... إني رأيت الحق في قبوله
بأن خير القتل في سبيله ... اليوم نضربكم على تنزيله
ضربا يزيل الهام عن نصيله ... ويذهل الخليل عن خليله «1»
وفي حديث أنس فقال عمر: يا ابن رواحة بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم، وفي حرم الله تقول الشعر؟ فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: «خل عنه يا عمر، فلهو أسرع فيهم من نضح النبل [2] » .
ورمل رسول الله صلى الله عليه وسلم والمسلمون ثلاثة أشواط، فلما رآهم المشركون قالوا: هؤلاء الذين زعمتم أن الحمى قد وهنتهم، هؤلاء أجلد من كذا وكذا [3] .
ولما فرغ من الطواف سعى بين الصفا والمروة، فلما فرغ من السعي، وقد وقف الهدي عند المروة، قال: «هذا المنحر وكل فجاج مكة منحر» ، فنحر عند المروة وحلق هناك، وكذلك فعل المسلمون، ثم بعث ناسا إلى يأجج، فيقيموا على السلاح، ويأتي الآخرون فيقفون نسكهم ففعلوا.
وأقام رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة ثلاثا، فلما أصبح من اليوم الرابع أتوا عليا، فقالوا: قل لصاحبك: اخرج عنا، فقد مضى الأجل، فخرج النبي صلى الله عليه وسلم، ونزل بسرف فأقام بها.
ولما أراد الخروج من مكة تبعتهم ابنة حمزة، تنادى، يا عم يا عم، فتناولها علي، واختصم فيها علي وجعفر وزيد، فقضى النبي صلى الله عليه وسلم لجعفر، لأن خالتها كانت تحته.
وفي هذه العمرة تزوج النبي صلى الله عليه وسلم بميمونة بنت الحارث العامرية، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل الدخول في مكة بعث جعفر بن أبي طالب بين يديه إلى ميمونة، فجعلت أمرها إلى العباس، وكانت أختها أم الفضل تحته، فزوجها إياه، فلما خرج من مكة خلف أبا رافع ليحمل ميمونة إليه حين يمشي فبنى بها بسرف [4] .
وسميت هذه العمرة بعمرة القضاء، إما لأنها كانت قضاء عن عمرة الحديبية، أو لأنها وقعت حسب المقاضاة أي المصالحة التي وقعت في الحديبية، والوجه الثاني رجحه
(1) اضطربت الأشعار وترتيبها في الروايات فجمعنا بين شتيتها. [2] رواه الترمذي، أبواب الإستئذان، والأدب، باب ما جاء في إنشاد الشعر 2/ 107. [3] صحيح مسلم 1/ 412. [4] زاد المعاد 2/ 152.