فلم يجترئوا للخروج من الحصن، للإشتباك مع قوات المسلمين، لكنهم قاوموا المسلمين مقاومة عنيدة برشق النبال، وبإلقاء الحجارة.
وعند ما استعصى حصن النزار على قوات المسلمين أمر النبي صلى الله عليه وسلم بنصب آلات المنجنيق، ويبدو أن المسلمين قذفوا بها القذائف، فأوقعوا الخلل في جدران الحصن، واقتحموه، ودار قتال مرير في داخل الحصن، انهزم أمامه اليهود هزيمة منكرة، وذلك لأنهم لم يتمكنوا من التسلل من هذا الحصن كما تسللوا من الحصون الآخرى، بل فروا- من فروا- من هذا الحصن تاركين للمسلمين نساءهم وذراريهم.
وبعد فتح هذا الحصن المنيع تم فتح الشطر الأول من خيبر، وهي ناحية النطاة والشق، وكانت في هذه الناحية حصون صغيرة أخرى، إلا أن اليهود بمجرد فتح هذا الحصن المنيع أخلوا هذه الحصون، وهربوا إلى الشطر الثاني من بلدة خيبر.
فتح الشطر الثاني من خيبر
ولما فتح ناحية النطاة والشق، تحول رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أهل الكتيبة والوطيح والسلالم حصن أبي الحقيق من بني النضير، وجاءهم كل فل كان انهزم من النطاة والشق، وتحصن هؤلاء أشد التحصن.
واختلف أهل المغازي هل جرى هناك قتال في أي حصن من حصونها الثلاثة أم لا فسياق ابن إسحاق صريح في جريان القتال لفتح حصن القموص. بل يؤخذ من سياقه أن هذا الحصن تم فتحه بالقتال فقط من غير أن يجري هناك مفاوضة للإستسلام [1] .
أما الواقدي، فيصرح تمام التصريح أن قلاع هذا الشطر الثلاثة إنما أخذت بعد المفاوضة، ويمكن أن تكون المفاوضة قد جرت لاستلام حصن القموص بعد إدارة القتال.
وأما الحصنان الآخران فقد سلما إلى المسلمين دونما قتال.
ومهما كان فلما أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى هذه الناحية- الكتيبة- فرض على أهلها أشد الحصار، ودام الحصار أربعة عشر يوما، واليهود لا يخرجون من حصونهم، حتى همّ رسول الله صلى الله عليه وسلم أن ينصب عليهم المنجنيق، فلما أيقنوا بالهلكة سألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم الصلح. المفاوضة
وأرسل ابن أبي الحقيق إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم انزل فأكلمك؟ قال: نعم فنزل، وصالح [1] ابن هشام 2/ 331، 336، 337.