من الأنصار، فقد قتل منهم خمسة وستون رجلا، واحد وأربعون من الخزرج، وأربع وعشرون من الأوس، وقتل رجل من اليهود. وأما شهداء المهاجرين فكانوا أربعة فقط.
وأما قتلى المشركين فقد ذكر ابن إسحاق أنهم اثنان وعشرون قتيلا، ولكن الإحصاء الدقيق- بعد تعميق النظر في جميع تفاصيل المعركة التي ذكرها أهل المغازي والسير، والتي تتضمن ذكر قتلى المشركين في مختلف مراحل القتال- يفيد أن عدد قتلى المشركين سبعة وثلاثون، لا اثنان وعشرون. والله أعلم [1] .
حالة الطوارئ في المدينة
بات المسلمون في المدينة- ليلة الأحد الثامن من شهر شوال سنة 3 هـ بعد الرجوع عن معركة أحد- وهم في حالة الطوارئ، باتوا- وقد أنهكهم التعب، ونال منهم أي منال- يحرسون أنقاب المدينة ومداخلها، ويحرسون قائدهم الأعلى رسول الله صلى الله عليه وسلم خاصة، إذ كانت تتلاحقهم الشبهات من كل جانب.
غزوة حمراء الأسد
وبات الرسول صلى الله عليه وسلم وهو يفكر في الموقف، فقد كان يخاف أن المشركين إن فكروا في أنهم لم يستفيدوا شيئا من النصر والغلبة التي كسبوها في ساحة القتال، فلا بد من أن يندموا على ذلك، ويرجعوا من الطريق لغزو المدينة مرة ثانية، فصمم على أن يقوم بعملية مطاردة الجيش المكي.
قال أهل المغازي ما حاصله: إن النبيّ صلى الله عليه وسلم نادى في الناس، وندبهم إلى المسير إلى لقاء العدو- وذلك صباح الغد من معركة أحد، أي يوم الأحد الثامن من شهر شوال سنة 3 هـ- وقال: لا يخرج معنا إلا من شهد القتال، فقال له عبد الله بن أبي: أركب معك؟
قال: لا، واستجاب له المسلمون على ما بهم من الجرح الشديد، والخوف المزيد، وقالوا: سمعا وطاعة، واستأذنه جابر بن عبد الله، وقال: يا رسول الله، إني أحب أن لا تشهد مشهدا إلا كنت معك، وإنما خلفني أبي على بناته، فأذن لي، أسير معك، فأذن له.
وسار رسول الله صلى الله عليه وسلم والمسلمون معه، حتى بلغوا حمراء الأسد، على بعد ثمانية أميال من المدينة فعسكروا هناك. [1] انظر ابن هشام 2/ 122، 123، 124، 125، 126، 127، 128، 129، فتح الباري 7/ 351، وغزوة أحد لمحمد أحمد باشميل ص 278، 279، 280.