5- رفادة الحاج
، وهي طعام كان يصنع للحاج على طريقة الضيافة، وكان قصي فرض على قريش خرجا تخرجه في الموسم من أموالها إلى قصي، فيضع به طعاما للحاج، يأكله من لم يكن له سعة ولا زاد [1] .
وكان كل ذلك لقصي، وكان ابنه عبد مناف قد شرف وساد في حياته، وكان عبد الدار بكرة، فقال له قصي: لألحقنك بالقوم وإن شرفوا عليك، فأوصى له بما كان يليه من مصالح قريش، فأعطاه دار الندوة والحجابة واللواء والسقاية والرفادة، وكان قصي لا يخالف ولا يرد عليه شيء صنعه، وكان أمره في حياته وبعد موته كالدين المتبع، فلما هلك أقام بنوه أمر لا نزاع بينهم، ولكن لما هلك عبد مناف نافس أبناؤه بني عمهم عبد الدار في هذه المناصب، وافترقت قريش فرقتين، وكاد يكون بينهم قتال، إلا أنهم تداعوا إلى الصلح، واقتسموا هذه المناصب، فصارت السقاية والرفادة إلى بني عبد مناف، وبقيت دار الندوة واللواء والحجابة بيد بني عبد الدار، ثم حكم بنو عبد مناف القرعة فيما أصابهم فخرجت لهاشم بن عبد مناف، فكان هو الذي يلي السقاية والرفادة طول حياته، فلما مات خلفه أخوه المطلب بن عبد مناف، وولي بعده عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف جد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وبعده أبناؤه حتى جاء الإسلام والولاية إلى العباس بن عبد المطلب [2] .
[مناصب أخرى لقريش]
وكانت لقريش مناصب سوى ذلك وزعوها فيما بينهم، وكونوا بها دويلة- بل بتعبير أصح: شبه دويلة ديمقراطية. وكانت لها من الدوائر والتشكيلات الحكومية ما يشبه في عصرنا هذا دوائر البرلمان ومجالسها، وهاك لوحة من تلك المناصب:
1- الإيسار:
أي تولية قداح الأصنام للإستقسام، كان ذلك في بني جمح.
2- تحجير الأموال
، أي نظم القربات والنذور التي تهدي إلى الأصنام، وكذلك فصل الخصومات والمرافعات. كان ذلك في بني سهم.
3- الشورى
، كانت في بني أسد.
4- الأشناق
، أي نظم الديات والغرامات، كان ذلك في بني تيم.
5- العقاب
، أي حمل اللواء القومي، كانت ذلك في بني أمية. [1] ابن هشام 1/ 130 وما بعدها. [2] ابن هشام 1/ 130 وما بعدها.