قرأ الرسالة على النبيّ صلى الله عليه وسلم أبيّ بن كعب، فأمره بالكتمان، وعاد مسرعا إلى المدينة، وتبادل الرأي مع قادة المهاجرين والأنصار.
استعداد المسلمين للطوارئ:
وظلت المدينة في حالة استنفار عام، لا يفارق رجالها السلاح، حتى وهم في الصلاة، استعدادا للطوارئ.
وقامت مفرزة من الأنصار- فيهم سعد بن معاذ، وأسيد بن حصير، وسعد بن عبادة- بحراسة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فكانوا يبيتون على بابه وعليهم السلاح.
وقامت على مداخل المدينة وأنقابها مفرزات تحرسها، خوفا من أن يؤخذوا على غرة.
وقامت دوريات من المسلمين- لاكتشاف تحركات العدو- تتجول حول الطرق التي يحتمل أن يسلكها المشركون للإغارة على المسلمين.
الجيش المكي إلى أسوار المدينة:
وتابع جيش مكة سيره على الطريق الغربية الرئيسة المعتادة، ولما وصل إلى الأبواء اقترحت هند بنت عتبة- زوج أبي سفيان- بنبش قبر أم رسول الله صلى الله عليه وسلم، بيد أن قادة الجيش رفضوا هذا الطلب، وحذروا من العواقب الوخيمة التي تلحقهم لو فتحوا هذا الباب.
ثم واصل جيش مكة سيره حتى اقترب من المدينة، فسلك وادي العقيق ثم انحرف منه إلى ذات اليمين، حتى نزل قريبا بجبل أحد في مكان يقال له عينين، في بطن السبخة، من قناة على شفير الوادي- الذي يقع شمالي المدينة- فعسكر هناك يوم الجمعة السادس من شهر شوال سنة ثلاث من الهجرة.
المجلس الإستشاري لأخذ خطة الدفاع:
ونقلت استخبارات المدينة أخبار جيش مكة خبرا بعد خبر، حتى الخبر الأخير عن معسكره، وحينئذ عقد رسول الله صلى الله عليه وسلم مجلسا استشاريا عسكريا أعلى، تبادل فيه الرأي لاختيار الموقف، وأخبرهم عن رؤيا رآها، قال «إني قد رأيت والله خيرا، رأيت بقرا يذبح، ورأيت في ذباب سيفي ثلما، ورأيت أني أدخلت يدي في درع حصينة، وتأول البقر بنفر