قالوا: فإنا نأخذه على مصيبة الأموال وقتل الأشراف، فما لنا بذلك يا رسول الله إن نحن وفينا بذلك؟ قال: «الجنة» . قالوا: ابسط يدك. فبسط يده فبايعوه [1] .
وفي رواية جابر، قال: فقمنا نبايعه، فأخذ بيده أسعد بن زرارة- وهو أصغر السبعين- فقال رويدا يا أهل يثرب، إنا لم نضرب إليه أكباد الإبل إلا ونحن نعلم أنه رسول الله، وأن إخراجه اليوم مفارقة العرب كافة، وقتل خياركم، وأن تعضكم السيوف، فإما أنتم تصبرون على ذلك فخذوه، وأجركم على الله، وإما أنتم تخافون من أنفسكم خيفة فذروه، فهو أعذر لكم عند الله [2] .
عقد البيعة
وبعد إقرار بنود البيعة، وبعد هذا التأكيد والتأكد بدأ عقد البيعة بالمصافحة، قال جابر- بعد أن حكى قول أسعد بن زرارة-: فقالوا يا أسعد، أمط عنا يدك، فو الله لا نذر هذه البيعة، ولا نستقيلها [3] .
وحينئذ عرف أسعد مدى استعداد القوم للتضحية في هذا السبيل، وتأكد منه- وكان هو الداعية الكبير مع مصعب بن عمير، وبالطبع فكان هو الرئيس الديني على هؤلاء المبايعين- فكان هو السابق إلى هذه البيعة. قال ابن إسحاق: فبنو النجار يزعمون أن أبا أمامة أسعد بن زرارة كان أول من ضرب على يده [4] .
وبعد ذلك بدأت البيعة العامة، قال جابر: فقمنا إليه رجلا رجلا فأخذ علينا البيعة، يعطينا بذلك الجنة [5] .
وأما بيعة المرأتين اللتين شهدتا الوقعة فكانت قولا. ما صافح رسول الله صلى الله عليه وسلم امرأة أجنبية قط [6] . [1] نفس المصدر 1/ 446. [2] رواه الإمام أحمد من حديث جابر. [3] نفس المصدر. [4] قال ابن إسحاق: وبنو عبد الأشهل يقولون: بل أبو الهيثم بن التيهان، وقال كعب بن مالك: بل البراء بن معرور (ابن هشام 1/ 447) قلت: لعلهم حسبوا ما دار بينهما وبين الرسول صلى الله عليه وسلم بيعة، وإلا فأحرى الناس بالتقديم إذا ذاك هو أسعد بن زرارة. والله أعلم. [5] مسند الإمام أحمد. [6] أنظر صحيح مسلم باب كيفية بيعة النساء 2/ 131.