غيرها، بل يوفَّر أجرهُ لصاحبه حتى يدخل الجنة، فيوفى أجرُه فيها.
وأما قوله: «فإنه لي» فإن الله خص الصيام بإضافته إلى نفسه دون سائر الأعمال؛ وذكر في معنى ذلك وجوه، من أحسنها وجهان:
أحدهما: أن الصيام مجرد ترك حظوظ النفس وشهواتها الأصلية، التي جبلت على الميل إليها لله - عز وجل - ولا يوجد ذلك في عبادة أخرى غير الصيام. فإذا اشتد توقان النفس إلى ما تشتهيه مع قدرتها عليه، ثم تركته لله في موضع لا يطلع عليه إلا الله: كان ذلك دليلا على صحة الإيمان.
فإن الصائم يعلم أن له ربا يطلع عليه في خلوته، وقد حرم عليه أن يتناول شهواته المجبول على الميل إليها في الخلوة، فأطاع ربه وامتثل أمره، واجتنب نهيه، خوفًا من عقابه ورغبة في ثوابه، فشكر الله له ذلك، واختص لنفسه عمله هذا من بين سائر أعماله، ولهذا قال بعد ذلك «إنه ترك شهوته وطعامه وشرابه من أجلي» قال بعض السلف: طوبى لمن ترك شهوة حاضرة لموعد غيب لم يره.
لما علم المؤمن الصائم أن رضى مولاه في ترك شهواته، قَدَّمَ رضى مولاهُ على هواه، فصرات لذتُه في ترك شهواتِه لله، لإيمانِه باطلاع الله وأن ثوابَه وعقابَه أعظمُ من لذةٍ يتناولُها في